يريد : هل شيء.
وإدغامها في النون دون ذلك كلّه ، والبيان أحسن منه. وإنما قبح إدغامها في النون ، وإن كانت أقرب إلى اللّام من غيرها من الحروف التي تقدّم ذكرها ، لأنه قد امتنع أن يدغم في النون من الحروف التي أدغمت هي فيها إلّا اللّام. فكأنهم استوحشوا الإدغام فيها وأرادوا أن يجروا اللّام مجرى أخواتها من الحروف التي يجوز إدغام النون فيها. فكما أنه لا يجوز إدغام شيء منها في النون كذلك ضعف إدغام اللّام فيها.
ولا يدغم فيها إلّا النون على ما يبيّن في فصل النون.
وأما النون فلها خمسة مواضع : موضع تظهر فيه ، وموضع تدغم فيه ، وموضع تخفى فيه ، وموضع تقلب فيه ميما ، وموضع تظهر فيه وتخفى :
فالموضع الذي تظهر فيه خاصّة إذا كان بعدها هاء أو همزة أو حاء أو عين ، نحو «منها» و «ينأى» و «منحار» و «منعب».
والموضع الذي تظهر فيه وتخفى إذا وقعت بعدها الغين أو الخاء ، نحو «منغلّ» و «منخل».
والموضع الذي تدغم فيه إذا كان بعدها حرف من حروف «ويرمل».
والموضع الذي تقلب فيه إذا كان بعدها باء.
والموضع الذي تخفى فيه إذا كان بعدها حرف من سائر حروف الفم الخمسة عشر.
فأدغمت في خمسة الأحرف المتقدّمة الذكر لمقاربتها لها : أما مقاربتها للرّاء واللّام ففي المخرج. وأما مقاربتها للميم ففي الغنّة ، ليس حرف من الحروف له غنّة إلّا النون والميم. ولذلك تسمع النون كالميم ، ويقعان في القوافي المكفأة فلا يكون ذلك عيبا ، نحو قوله :
ما تنقم الحرب العوان منّي |
|
بازل عامين ، حديث سنّي (١) |
لمثل هذا ولدتني أمّي |
وأما مقاربتها للياء والواو فلأنّ في النون غنّة تشبه اللين في الياء والواو ، لأنّ الغنّة
__________________
(١) الشعر من الرجز ، وهو لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في ديوانه ص ١٩٢ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (نقم).