ولا يدغم فيها إلّا اللّام والنون ، وقد تقدّم ذكر ذلك في فصليهما.
ثم الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء. كلّ واحد منهنّ يدغم في الخمسة الباقية ، وتدغم الخمسة الباقية فيه.
وتدغم أيضا هذه الستّة في الضاد والجيم والشين والصاد والزاي والسين. ولم يحفظ سيبويه إدغامها في الجيم. ولا يدغم فيهنّ من غيرهنّ إلّا اللّام. وسواء كان الأوّل منهما متحرّكا أو ساكنا ، إلّا أنّ الإدغام إذا كان الأوّل منهما ساكنا أحسن منه إذا كان الأوّل متحرّكا ، لأنه يلزم فيه تغييران : أحدهما تغيير الإدغام ، والآخر تغيير بإسكان الأوّل.
وإنما جاز إدغامها فيما ذكر لتقاربها في المخرج بعضها من بعض ، ولمقاربتها حروف الصفير في المخرج أيضا كما بيّن في مخارج الحروف.
وأما الضاد والشين فإنهما ـ وإن لم تقاربهما في المخرج ـ فإنّ التقارب بينهما وبينها من حيث لحقت الضاد ، باستطالتها ، والشين ، بتفشّيها ، مخرجها. والضاد أشبه بها من الشين ، لأن الضاد قد أشبهتها من وجه آخر ، وهو أنها مطبقة كما أنّ الطاء والظاء كذلك.
وأما إدغامها في الجيم فحملا على الشين ، لأنهما من مخرج واحد.
والإدغام في جميع ما ذكر أحسن من البيان. والسبب في ذلك أنّ أصل الإدغام لحروف طرف اللسان والفم ، بدليل أنّ حروف الحلق يدغم منها الأدخل في الأخرج ، لأنه يقرب بذلك من حروف الفم. ولا يدغم الأخرج في الأدخل ، لأنه يبعد بذلك من حروف الفم ، ويتمكّن في الحلق.
وإنما كان الإدغام في حروف الفم وطرف اللسان أولى لكثرتها ، وما كثر استدعى التخفيف. وأكثر حروف الفم من طرف اللسان ، لأنّ حروف الفم تسعة عشر. منها اثنا عشر حرفا من طرف اللسان. فلذلك حسن الإدغام في هذه الحروف.
والبيان في بعضها أحسن منه في بعض ، وذلك مبنيّ على القرب بين الحرفين. فما كان أقرب إلى ما بعده كان إدغامه أحسن. وذلك أن الإدغام كان بسبب التقارب ، فإذا قوي التقارب قوي الإدغام. وإذا ضعف ضعف الإدغام :
فتبيين هذه الستة الأحرف إذا وقعت قبل الجيم أحسن من بيانها إذا وقعت قبل الشين ، لأنّ إدغامها في الجيم بالحمل على إدغامها في الشين بل لم يحفظ سيبويه إدغامها في الجيم كما تقدّم.