وكأنّما اغتبقت صبّير غمامة |
|
بعرا ، تصفّقه الرّياح ، زلالا (١) |
فقلب التاء صادا.
وإذا أدغمت الطاء والظاء في مطبق ، مثل أن يدغما في الصاد والضاد ، أو يدغم أحدهما في الآخر ، قلب المدغم إلى جنس ما يدغم فيه.
وإذا أدغما في غير مطبق ، مثل أن يدغما في الدال والتاء ، فالأفصح ألّا يقلبا إلى جنس ما يدغمان فيه بالجملة ، بل يبقى الإطباق ، وبعض العرب يذهب الإطباق.
وإذهاب الإطباق منهما ، مع ما كان من غير المطبقات أشبه بهما ، أحسن من إذهابه مع ما لم يكن كذلك. فإذهاب الإطباق من الطاء مع الدال ، لأنهما قد اجتمعا في الشّدّة ، أحسن من إذهابه مع التاء لأنها مهموسة ، وإذهاب الإطباق من الظاء مع الزاي ، لأنهما مجهوران ، أحسن من إذهابه مع الثاء لأنها مهموسة. وتمثيل الإدغام في ذلك بيّن لا يحتاج إليه.
ولا يدغم في الحروف المذكورة من غيرها إلّا اللّام. وقد تبيّن ذلك في فصل اللّام.
ثم الصاد والسين والزاي : كلّ واحدة منهن تدغم في الأخرى ، لتقاربهنّ في المخرج ، واجتماعهنّ في الصّفير ، فإذا قلبت الأوّل منهما إلى جنس الثاني قلبته إلى مقاربه في المخرج وصفيريّ مثله. فلم يكن في الإدغام إخلال به. وسواء كان الأول متحرّكا أو ساكنا ، إلّا أنّ الإدغام إذا كان الأول ساكنا أحسن منه إذا كان الأوّل متحرّكا ، لأنه يلزم فيه تغييران : أحدهما تغيير الحرف بقلبه إلى جنس ما يدغم فيه ، والآخر تغييره بالإسكان. وإذا كان الأول ساكنا لا يلزم فيه إلّا تغيير واحد ، وهو قلب الأول حرفا من جنس ما يدغم فيه. والإدغام أحسن فيهنّ من الإظهار لأنهنّ من حروف طرف اللسان والفم ، والإدغام ـ كما تقدّم ـ أصله أن يكون في حروف الفم وطرف اللسان. وذلك نحو قولك «احبس صّابرا» و «حبس صّابر» و «احبس زّيدا» و «حبس زّيد» و «أوجز صّابرا» و «أوجز صّابر» و «أوجز سّلمة» و «أوجز سّلمة» و «افحص زّردة» و «فحص زّدرة» و «افحص سّالما» و «فحص سالم».
وإذا أدغمت الصاد في الزاي أو في السين قلبتها حرفا من جنس ما أدغمتها فيه ،
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لتميم بن مقبل في ديوانه ص ٢٦٠ ، والكتاب لسيبويه ٤ / ٤٦٣ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (صفق).