فتقلبها مع السين سينا ، ومع الزاي زايا ، إلّا أنك تبقي الإطباق الذي في الصاد محافظة عليه. وقد يجوز ترك الإطباق ، حملا على الأصل في الإدغام ، من أن يقلب الحرف إلى جنس ما يدغم فيه البتّة وإذهاب الإطباق منها مع السين أحسن من إذهابه مع الزاي ، لأنّ السين تشاركها في الهمس ، ولا تخالفها الصاد بأكثر من الإطباق.
وإذا أدغمتهما في الصاد قلبتهما صادين البتّة لأنه ليس في ذلك إخلال بهما. وكذلك إذا أدغمت السين في الزاي ، والزاي في السين ، قلبت كلّ واحدة منهما إلى جنس ما يدغم فيه البتّة ، لأنه ليس في ذلك إخلال.
ولا يدغم شيء من هذه الصفيريّات في شيء مما يقاربها من الحروف ، لأنّ في ذلك إخلالا بها ، لأنها لو أدغمت لقلبت إلى جنس ما تدغم فيه فيذهب الصفير ، وهو فضل صوت في الحرف.
ويدغم فيها من غيرها اللّام ـ وقد تقدّم ذلك في فصل اللّام ـ والطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء ، وقد تقدّم ذلك في فصل الطاء وأخواتها.
ثم الفاء : ولا تدغم في مقاربها ، لأنّ فيها تفشّيا ، فلو أدغمتها لذهب ذلك التفشّي. ويدغم فيها مما يقاربها الباء ، فتقول «اذهب فيّ ذلك» ، لأنه ليس في ذلك إخلال بالباء ، بل تقوية بقلبها حرفا متفشّيا.
فأما الميم والواو ، وإن كانتا تقاربان الفاء في المخرج لأنهما من الشّفتين كالفاء ، فلم تدغما في الفاء ، لأنّ الميم فيها غنّة والواو فيها لين ، والغنّة واللّين فضل صوت في الحرف ، فلو أدغمتهما فيها لقلبتهما فاء ، فتذهب الغنّة واللّين فيكون ذلك إخلالا بهما.
ثم الباء : وهي تدغم في الفاء والميم ، لقربهما منها في المخرج. وذلك نحو «اذهب فيّ ذلك» و «اصحب مّطرا». ولا يدغم فيها شيء ، وسبب ذلك أنّ الذي يقاربها في المخرج إنما هو الفاء والميم والواو : فأما الفاء فلم تدغم فيها للعلّة التي تقدّم ذكرها في فصل الفاء. وأما الميم والواو فلم تدغما في الباء. للعلّة التي منعت من إدغامهما في الفاء. وأيضا فإنّ النون الساكنة تقلب قبل الباء ميما ، فإذا كانوا يفرّون من النون الساكنة إلى الميم قبل الباء فالأحرى أن يقرّها إذا وجدوها.
ثم الميم : ولا تدغم في شيء مما يقاربها ، لأنها إنما يقاربها في المخرج الفاء والباء والواو ، وقد تقدّم ذكر السبب المانع من إدغام الميم في هذه الأحرف الثلاثة. ولا يدغم فيها إلّا النون ـ وقد تقدّم ذلك في فصل النون وأخواتها ـ والياء ، وقد تقدّم ذلك في فصل الياء وأخواتها.