و «ادّارأ» ، فتقلب التاء حرفا من جنس ما بعدها وتسكّنه بسبب الإدغام. ثم تدغم وتجتلب همزة الوصل ، إذ لا يمكن الابتداء بالساكن. وتقول في «اختصم» إذا أردت الإدغام : «خصّم» ، فتقلب التاء صادا وتسكّنها بنقل حركتها إلى ما قبلها ثم تدغم. هذا في لغة من قال «قتّل» بفتح القاف والتاء. ومن قال «قتّل» بفتح التاء وكسر القاف قال «خصّم» بكسر الخاء وفتح الصاد. ومن قال «قتّل» بكسرهما قال «خصّم» بكسر الخاء والصاد. والعلّة في ذلك كالعلّة في «قتّل» وأمثاله.
وحكم اسم الفاعل والمفعول والمصدر والمضارع أن يكون مثله من «قتّل» وأمثاله ، وقد تقدّم ، إذ ليس بين إدغام التاء من هذه الأمثلة فيما بعدها ، إذا كان مماثلا لها ، وبين إدغامها فيه إذا كان مقاربا لها فرق أكثر من أنك تقلب التاء إلى جنس ما يقاربها ، ولا تحتاج إلى ذلك إذا أدغمتها في مثلها.
فإن قال قائل : فهلّا أجريت التاء من «استفعل» مجرى التاء من «افتعل» فأدغموها فيما يقاربها ، كما فعلوا بتاء «افتعل» ، لأنها لا يلزمها أن يكون بعدها ما يماثلها ولا ما يقاربها ، كما لا يلزم ذلك بتاء «افتعل»؟.
فالجواب : أنّ الذي منع من ذلك أنهم لو أدغموا لاحتاجوا إلى تحريك السين كما احتاجوا إلى تحريك فاء «افتعل». فكرهوا أن يحّكوا حرفا لم تدخله الحركة في موضع ، لأنّ السين لا تزاد في الفعل إلّا ساكنة. وأما فاء «افتعل» فإنهما قد كانت متحرّكة قبل لحاق الفعل الزيادة ، فلم تكره الحركة فيها لذلك ؛ ألا ترى أنّ الخاء من «اختصم» متحرّكة في «خصم».
ولأجل تعذّر الإدغام شذّ بعضهم ، فحذف التاء من «يستطيع» لمّا استثقل اجتماع المتقاربين ، فقال : «يستطيع».
وكذلك أيضا يجوز الإدغام في المتقاربين وإن كانا في كلمة واحدة ، إذا كان بناء الكلمة مبيّنا أنّ الإدغام لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المثلين. وذلك نحو «انفعل» من «المحو» فإنك تقول فيه «امّحى» ، لأنه لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المثلين ، لأنه ليس في الكلام «افّعل» ، فعلم أنه «انمحى» في الأصل.
فهذا جميع ما يجوز فيه إدغام المتقاربين ، مما هو في كلمة واحدة ، إلّا ما شذّ من خلاف ذلك ، فيحفظ ولا يقاس عليه. فمن ذلك «ستّ» و «ودّ» و «عدّان».
أما «ستّ» فأصلها «سدس» بدليل قولهم في الجمع «أسداس». فأبدلوا من السين