باب
ما قيس من الصحيح على صحيح
معتل وما قيس من المعتل على نظيره من الصحيح
هذا الباب نبيّن فيه كيفيّة بنائك من الكلمة مثل نظائرها. فإذا قيل لك «ابن من كذا مثل كذا» فإنما معناه : فكّ صيغة هذه الكلمة ، وصغ من حروفها الأمثلة التي قد سئلت أن تبني مثلها ، بأن تضع الأصل في مقابلة الأصل ، والزائد في مقابلة الزائد إن كان في الكلمة التي تبني مثلها زوائد ، والمتحرّك في مقابلة المتحرّك. والساكن في مقابلة الساكن ، وتجعل حركات المبنيّ على حسب حركات المبنيّ مثله الذي صيغ عليه من ضمّ أو فتح أو كسر ، على ما يبيّن بعد ، إن شاء الله تعالى.
وللنحويين في هذا الباب ثلاثة مذاهب : منهم من ذهب إلى أنه لا يجوز شيء من ذلك ، وأنّ ما يصنع من ذلك فإنما القصد به أن يبيّن أنه ، لو كان من كلام العرب ، كيف كان يكون حكمه. ومنهم من ذهب إلى أنّ ذلك جائز على كلّ حال. ومنهم من فصّل ، فقال : إن كانت العرب قد فعلت مثل ما فعلته من البناء ، وكثر ذلك في كلامها واطّرد ، جاز لك ذلك ، وإلّا لم يجز.
فالذي منع من ذلك جملة حجّته أنّ في ذلك ارتجالا للّغة ؛ ألا ترى أنه ، إذا بنى من «الضّرب» مثل «جعفر» ، فقال «ضربب» ، قد أحدث لفظا ليس من كلام العرب.
والذي يجيز ذلك حجّته أنّ العرب قد أدخلت في كلامها الألفاظ الأعجميّة كثيرا ، ولم تمتنع من شيء من ذلك. وسواء كان بناء اللفظ الأعجميّ مثل بناء من أبنية كلامهم ، أو لم يكن نحو «إبراهيم» و «مرزنجوش» وأشباه ذلك. فقاس على ذلك إدخال الأبنية المصنوعة في كلامهم ، وإن لم تكن منه.
وذلك باطل : لأنّ العرب إذا أدخلت اللفظ العجميّ في كلامها لم يرجع بذلك عربيّا ، بل تكون قد تكلّمت بلغة غيرها. وإذا تكلّمنا نحن بهذه الألفاظ المصنوعة كان تكلّمنا بما لا يرجع إلى لغة من اللغات.