مسائل من الصحيح
فإذا قيل لك : ابن من «الضّرب» مثل «درهم» قلت : «ضربب». فتجعل الأصل في مقابلة الأصل ، فإذا فنيت أصول «الضرب» كرّرت اللّام. وكذلك إن قيل لك : ابن منه مثل «فلفل» قلت «ضربب». ومثال «فطحل» (١) : «ضربّ» فتدغم الباء الأولى في الثانية لسكونها. ولا تدغم في شيء ممّا تقدّم ، لأنك لو أدغمت لاحتجت إلى تسكين الأوّل فيتغيّر البناء عمّا ألحق به. وهذا مقيس ، لأنه قد كثر وجوده في كلامهم.
فإذا قيل لك : ابن من «الضّرب» مثل «جعفر» بالياء أو بالواو ، قلت : «ضيرب» و «ضورب». ولا يجوز إلحاق مثل هذا بكلام العرب ، لقلّة مثل «صيرف» و «كوثر» في كلامهم ، وإنما تبني من ذلك ما تبنيه لتري حكمه كان يكون ، لو جاء.
وكذلك لو قيل لك : ابن من «الضّرب» مثل «سفرجل» قلت : «ضربّب» ، على نحو ما ذكرت لك إلّا أنّ هذا لا يجوز إلحاقه بكلام العرب ، لأنه لم يجىء في كلامهم نظيره ، أعني : خماسيا لا ماته الثلاثة من جنس واحد ، وإنما بنيته لتبيّن وجه الصّيغة فيه.
وينبغي أن تعلم أنه لا يتعذّر بناء شيء من الصحيح ، إلّا أن يؤدّي ذلك إلى وقوع نون ساكنة قبل راء أو لام ، فإنّ ذلك لا يجوز ، نحو بنائك من «الضّرب» أو «الجلوس» مثل «عنسل» (٢) ، فإنه يجب أن تقوّل «جنلس» أو «ضنرب». وذلك ليس من كلامهم ، أعني : وقوع النون ساكنة قبل الراء أو اللّام ، في كلمة واحدة. والسبب في أن لم يوجد في كلامهم أنّه إذا وجد لم يخل من أن يدغم أو لا يدغم. فالإدغام يفضي إلى اللّبس ، بأن يكون من قبيل إدغام المثلين والفكّ يفضي إلى الاستثقال : لأنّ النون كثيرة الشّبه بالراء واللّام ، فيصعب إظهارها.
أو يؤدّي إلى وقوع النون الثالثة الساكنة الزائدة التي بعدها حرفان مدغمة من نون تليها ، أو مقرونة بحرف حلق من بعدها. والسبب في ذلك أنّ النون إذا كانت على ما
__________________
(١) الفطحل : الضخم الممتلئ الجسم. انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي ، مادة (فطحل).
(٢) العنسل : الناقة السريعة. انظر الصحاح للجوهري ، مادة (عنسل).