مسائل من المعتلّ العين
تقول في مثل «افعوعل» من «البيع» : «ابييّع». والأصل «ابيويع» ، فقلبت الواو المتوسطة بين الياءين ياء ، لسكونها ووقوع الباء بعدها ، وأدغمت في الياء.
وإذا بنيته للمفعول قلت «ابيويع» على الأصل. وإنما لم تدغم ، لأنّ الواو مدّة تشبه الألف ، لأنها في فعل متصرّف. فكما لا تدغم الألف في الياء التي بعدها في نحو «بايع» فكذلك ما أشبهتها.
وتقول في مثل «افعوعل» من «القول» : «اقووّل». هذا مذهب سيبويه. وأما أبو الحسن فيقول «اقويّل» ، لأنه يستثقل ثلاث واواوات. وإلى ذلك ذهب أبو بكر ، واحتجّ بأنهم إذا كانوا يستقلون الواوين والضّمّة في مثل «مصوغ» ، فلا يكمّلون البناء إلّا فيما شذّ ، فالأحرى فيما اجتمع فيه ثلاث واوات.
وهذا الذي احتجّ به لا يلزم ، لأنّ «مصوغا» وأمثاله إنما استثقل فيه الواوان والضّمّة ، لجريانه على الفعل المعتلّ. وإلّا فإنهم يتمّون في مثل «قوول» في فصيح الكلام ، لأنه غير جار على معتلّ.
فإن قيل : فإنكم تقولون في «عرقوة» من «الغزو» «غزوية» ـ كما تقدّم ـ استثقالا للواوين والضّمّة ، مع أنه ليس بجار على معتلّ؟.
فالجواب : أنّ الطّرف يستثقل فيه ما لا يستثقل في الوسط ، لأنه محلّ التغيير ؛ ألا ترى أنهم يقلبون مثل «عصيّ» ، ولا يلزم ذلك في مثل «صوّم».
فإن قيل : فأين وجدتم ثلاث واوات محتملة في كلام العرب؟.
فالجواب : أنه لا يعلم من كلامهم ما اجتمع فيه ثلاث واوات حشوا ، لا مصحّحا ولا معلّا ، فيحمل هذا عليه ، والتصحيح هو الأصل فالتزم هذا. مع أنّ ما يقرب منه موجود في كلامهم وهو مثل «قوول» ؛ ألا ترى أنّ فيه واوين وضمّة ، والضمّة بمنزلة الواو ، ولم يغيّر شيء من ذلك.