ذكر المسائل المبنية مما لا يجوز التصرّف فيه
تقول في مثل «أترجّة» (١) ، إذا بنيته من الهمزة : «أءوءة». والأصل «أوأؤأة» ، فاجتمعت خمس همزات ، فقلبت الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها ، فحجزت بين الأولى والثالثة ، وقلبت الرابعة أيضا واوا لسكونها وانضمام ما قبلها ، فحجزت بين الثالثة والخامسة. فإن خفّفت الهمزة الثالثة قلت «أووءة» ، ألقيت حركتها على الساكن قبلها وحذفتها.
فإن قيل : فهلّا أبدلت الهمزتين واوين ، وأدغمت الواوين اللتين قبلهما فيهما كما تقول في «مقروءة» : «مقروّة» ، فكنت تقول فيها «أوّوّة»؟.
فالجواب : أنّ الواو في «مقروءة» إنما زيدت للمدّ ، وليست منقلبة عن حرف أصليّ ولا غير أصليّ ، فلا يمكن تحريكها لئلّا تخرج من المدّ الذي جيء بها من أجله ، والواوان في «أوءوءة» لم تزادا للمدّ ، بل هما بدل من حرفين أصليّين وهما الهمزتان ، فاحتملتا الحركة لذلك ، ولم تجريا مجرى ما زيد للمدّ ، كما تحرّكت الواو في «هذا أومّ منك» ، ولم تقل «هذا آمّ منك» فتجري مجرى ألف «فاعل» ، بل حملت الحركة لأنها بدل من حرف أصليّ.
وتقول في مثل «محمرّ» من الواو : «موّو». وأصله «موووو» ، فأدغمت الواو الأولى في الثانية ، وقلبت الرابعة ياء لتطرّفها وانكسار ما قبلها فصار «موّويا».
فإن قال قائل : فهلّا قلبت الواو الثالثة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها؟.
فالجواب : أنّ الذي منع من ذلك ما تقدّم ذكره في التصريف ، من أنّ حرف العلّة إذا كان لاما ثم ضعف فإنّ اللّام الأولى تجري مجرى العين ، والثانية مجرى اللّام ، فكما أنّ العين إذا كانت معتلّة ، واللّام كذلك ، جرت العين مجرى الحرف الصحيح فلم تعتلّ فكذلك اللّام الأولى. ومن كره اجتماع ثلاث واوات أبدل الواو الثالثة ياء ، لأنها أقرب
__________________
(١) الأترجة : ثمر شجرة معروف. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (ترج).