محمّد : وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك ، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.
وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم فخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين (١) شيخا من أهل الكوفة ، وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين.
فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد : أما بعد فإن الحسين بن علي قد توجه إليك وهو الحسين بن فاطمة ، وفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبالله ما أحد يسلمه الله أحبّ إلينا من الحسين ، فإياك أن تهيّج على نفسك ما لا يسدّه شيء ، ولا تنساه العامة ، ولا تدع ذكره والسلام (٢).
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص : أما بعد فقد توجه إليك الحسين ، وفي مثلها تعتق أو تكون (٣) عبدا تسترق كما تسترق العبيد.
قال : وأنا عبد الله بن الزّبير الحميدي ، نا سفيان بن عيينة ، حدّثني لبطة بن الفرزدق ، وهو في الطواف وهو مع ابن شبرمة ، قال : أخبرنا أبي ، قال : خرجنا حجّاجا فلما كنا بالصفاح (٤) إذا نحن بركب عليهم اليلامق (٥) ومعهم الدرق ، فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي ، فقلت : أي أبو عبد الله ، قال : يا فرزدق ما وراءك؟ قال : أنت أحبّ الناس إلى الناس ، والقضاء في السماء ، والسيوف مع بني أمية قال : ثم دخلنا مكة ، فلما كنا بمنى قلت له : لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه ، فأتينا منزله بمنى فإذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون ، قلنا : أين أبوكم؟ قالوا : في الفسطاط يتوضأ. فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه ، فسألناه عن حسين فقال : أما إنه
__________________
(١) في فتوح ابن الأعثم الكوفي ٥ / ١٢٠ ط الهند (مصورة) : ومعه اثنان وثمانون رجلا من شيعته وأهل بيته.
(٢) الكتاب في فتوح ابن الأعثم ٥ / ١٢١ باختلاف بسيط ونسبه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وليس لمروان بن الحكم.
(٣) بالأصل : «يعتق أو يكون» والمثبت عن ابن العديم ٢٦١٢.
(٤) الصفاح : موضع بين حنين وأنصاب الحرب على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش (ياقوت) وفي ابن الأعثم : إنه لقيه بالشقوق.
(٥) اليلامق جمع يلمق وهو القباء المحشو وأصله بالفارسية يلمة.