عَلى أَنْفُسِهِمْ» حتى ختم الآية ، فقال ابن عباس : لكني أقول قول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) ، فرضي من إبراهيم قوله «بلى» ، قال فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان ، وهكذا رواه الحاكم في المستدرك (١).
وقال أبو جعفر في التفسير : وأولى الأقوال عندي بتأويل الآية ، ما صح به الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «نحن أحق بالشك من إبراهيم ، قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ)» ، وأن تكون مسألته ربه ما سأله أن يريه من إحياء الموتى لعارض من الشيطان عرض في قلبه ، ذلك أن إبراهيم لما رأى الحوت الذي بعضه في البر وبعضه في البحر ، قد تعاوره دواب البر ودواب البحر وطير الهواء ، ألقى الشيطان في نفسه فقال : متى يجمع الله هذا من بطون هؤلاء ، فسأل إبراهيم ربه حينئذ أن يريه كيف يحيي الموتى ليعاين ذلك عيانا ، فلا يقدر بعد ذلك الشيطان أن يلقي في قلبه مثل الذي القى فيه عند رؤيته ما رأى من ذلك ، فقال له ربه : أولم تؤمن؟ يقول : أولم تصدق يا إبراهيم بأني على ذلك قادر ، قال بلى يا رب ، لكن سألتك أن تريني ذلك ليطمئن قلبي ، فلا يقدر الشيطان أن يلقى في قلبي مثل الذي فعل عند رؤيتي هذا الحوت (٢).
والحديث الشريف الذي ذكره الطبري في تفسيره ، ورد في صحيح البخاري بسنده عن ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نحن أحق بالشك في إبراهيم ، إذ قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ، قالَ بَلى ، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)» (٣) ، وكذا رواه مسلم في صحيحه بسنده عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
__________________
(١) تفسير ابن كثير ١ / ٤٧١ ـ ٤٨٢ ، المستدرك للحاكم ١ / ٦٠.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٤٩١ ـ ٤٩٢.
(٣) صحيح البخاري ٦ / ٣٩ ، فتح الباري ٦ / ٢٩٣ ـ ٣٩٤ ، ٨ / ١٥٠ ـ ١٥١.