ابن عباس «هي أرجى آية» ، فمن حيث فيها الإدلال على الله تعالى ، وسؤال الأحياء في الدنيا ، وليست فطنة ذلك ، ويجوز أن يقول : هي أرجى آية لقوله «أَوَلَمْ تُؤْمِنْ» أي أن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث ، وأما قول عطاء بن أبي رباح «دخل قلب إبراهيم ما يدخل قلوب الناس» فمعناه من حيث المعاينة على ما تقدم ، وأما قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «نحن أحق بالشك من إبراهيم» ، بمعناه أنه لو كان شاكا لكنا نحن أحق به ، ونحن لا نشك ، فإبراهيم عليهالسلام ، أحرى ألا يشك ، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم ، والذي روى فيه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ذلك محض الإيمان» إنما هو في خواطر التي لا تثبت ، وأما الشك فهة توقف بين أمرين ، لا مزية لأحدهما على الآخر ، وذلك هو المنفي عن الخليل عليهالسلام ، وإحياء الموتى إنما يثبت بالسمع ، وقد كان إبراهيم عليهالسلام أعلم به ، يدلك على ذلك قوله : «رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ» ، فالشك يبعد على من تثبت قدمه من الإيمان فقط ، فكيف بمرتبة النبوة والخلة ، والأنبياء معصومون من الكبائر ، ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعا.
وإذا تأملت سؤاله عليهالسلام وسائر ألفاظ الآية لم تعط شكا ، وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حالة شيء موجود ، متقرر الوجود عند السائل والمسئول ، نحو قولك «كيف علم زيد» ونحو ذلك ، ومتى قلت : كيف زيد ، فإنما السؤال عن حال من أحواله وقد تكون «كيف» خبرا عن شيء ، شأنه أن يستفهم عنه بكيف ، نحو قولك : كيف شئت فكن ، ونحو قول البخاري : كيف كان بدء الوحي ، و «كيف» من هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء ، والإحياء متقرر ولكن لما وجدنا بعض المنكرين لوجود شيء قد يعبرون عن إنكاره بالاستفهام عن حالة لذلك الشيء يعلم أنها لا تصح ، فيلزم من ذلك أن الشيء في نفسه لا يصح ، مثال ذلك أن يقول مدع : أنا أرفع هذا الجبل ، فيقول المكذب له : أرني كيف ترفعه ، فهذه طريقة