مكانه ، ثم نادى : يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع ما اتخذه أحد (١) ، وفي رواية «يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يبلغه أحد من الناس» (٢).
هذا وقد اختلف المفسرون في المدة التي لبثها يونس عليهالسلام في بطن الحوت ، فقال قتادة : ثلاثة أيام (وهذا ما جاء في العهد القديم) (٣) ، وقال الإمام جعفر الصادق رضوان الله عليه : سبعة أيام ، وروى ابن أبي حاتم عن أبي مالك أنه بقي أربعين يوما ، وعن الضحاك عشرين يوما ، وقيل شهرا ، وروى مجاهد عن الشعبي قال : التقمه ضحى ولفظه عشية ، وقال الحسن : لم يلبث إلا قليلا وأخرج من بطنه بعد الوقت الذي التقمه (٤).
وعلى أية حال ، فما أن أحس النبي الكريم بالضيق في بطن الحوت ، حتى سبح الله واستغفره ، «فنادى من الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» ، وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بهذه الظلمات ، فقال بعضهم : عني بها ظلمة الليل وظلمه البحر وظلمة بطن الحوت ، وقال آخرون : إنما عنى بذلك أنه نادى في ظلمة جوف حوت في جوف حوت آخر ، أو لأن الحوت إذا عظم غوصه في قعر البحر كان ما فوقه من البحر في ظلمة ، والصواب من القول ، عند الطبري ، إن الله تعالى أخبر يونس أنه ناداه في الظلمات «أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» ، ولا شك أنه قد عنى بإحدى الظلمات بطن الحوت ، وبالأخرى ظلمة البحر ، وفي الثالثة اختلاف : وجائز أن تكون تلك الثالثة ظلمة الليل ، وجائز أن تكون
__________________
(١) تفسير الطبري ١٧ / ٨١ ، ٢٣ / ١٠٠.
(٢) تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٧.
(٣) يونان ٢ / ١٧.
(٤) تفسير الطبري ١٧ / ٧٩ ، ٢٣ / ١٠١ ، تفسير روح المعاني ١٧ / ٨٥ (بيروت ١٩٧٨) ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣٢ (بيروت ١٩٨٦) ، تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٦٥.