كون الحوت في جوف حوت آخر ، ولا دليل يدل على أي ذلك من أي ، فلا قول في ذلك أولى بالحق من التسليم لظاهر التنزيل (١) ، وأما من قال : إن الحوت الذي ابتلعه غاص في الأرض السابعة ، فإن ثبت ذلك بخبر فلا كلام ، وإن قيل بذلك لكي يقع نداؤه في الظلمات ، فما قدمناه يغني عن ذلك (٢).
وإما قوله تعالى (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٣) ، فلقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي ، والحكيم في نوادر الأصول ، والحاكم في المستدرك (وصححه) والبيهقي في الشعب وجماعة عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له» (٤) ، وفي رواية «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له» (٥) ، وعن الحسن البصري : ما نجاه الله تعالى إلا بإقراره عن نفسه بالظلم (٦) ، وروى ابن أبي حاتم عن كثير بن معبد قال : سألت الحسن فقلت : يا أبا سعيد اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ، قال ابن أخي أما تقرأ القرآن قول الله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) ـ إلى قوله : (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ، ابن أخي ، هذا اسم الله الأعظم ، إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى (٧).
__________________
(١) تفسير الطبري ١٧ / ٨٠ (بيروت ١٩٨٤) ، وانظر روح المعاني ١٧ / ٨٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٦.
(٣) سورة الأنبياء : آية ٨٧ ـ ٨٨.
(٤) تفسير روح المعاني ١٧ / ٨٥.
(٥) تفسير النسفي ٣ / ٨٧ ، تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٦ ، وأصل الحديث في سنن أبي داود.
(٦) تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٦ ، تفسير النسفي ٣ / ٨٧.
(٧) تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٩.