وأوحى الله تعالى إلى نبيه نوح إنه لن يؤمن من هؤلاء القوم الكافرين أحد بعد ذلك بل إنه لم يبق في أصلاب الرجال ، ولا في أرحام النساء مؤمن (١) ، قال تعالى : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٢) ، قال الضحاك : فدعا عليهم لما أخبر بذلك فقال : «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً» ، وقيل إن رجلا من قوم نوح حمل ابنه على كتفه ، فلما رأى الصبي نوحا قال لأبيه : أعطني حجرا ، ورمى به نوحا عليهالسلام فأدماه ، فأوحى الله تعالى إليه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) ، فدعا عليهم ، فكان الطوفان الذي أغرقهم جميعا (٣).
(٤) قضية ابن نوح : ـ اختلف المفسرون في ابن نوح الذي غرق في الطوفان من دون أهله ، وقد أشار القرآن الكريم إلى قصته في قوله تعالى : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ ، قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ، وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ ، قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ، قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤).
__________________
(١) تفسير القرطبي ص ٣٢٧١.
(٢) سورة هود : آية ٣٦.
(٣) سورة نوح : آية ٢٦ ـ ٢٧ ، تفسير القرطبي ص ٣٢٥٧ ، ٣٢٧١ ، وانظر : تفسير الطبري ١٥ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧.
(٤) سورة هود : آية ٤٢ ـ ٤٧ ، وانظر : تفسير ابن كثير ٢ / ٦٩٠ ـ ٦٩٤ ، تفسير القرطبي ص ٣٢٦٤