الفصل الثّاني
قصّة الطّوفان بين الآثار والتّوراة
من المعروف منذ زمن طويل أن قصص الطوفان الكبير الذي هلك فيه كل الناس على وجه التقريب ، تنتشر انتشارا واسعا في جميع أنحاء العالم ، فهناك قصص عن الطوفان ، في بعض مجتمعات الشرق الأدنى القديم ، وفي الهند وبورما والصين والملايو واستراليا وجزر المحيط الهادي ، وفي مجتمعات الهنود الحمر (١).
وقد قدم لنا «السير جيمس فريزرsir James Frazer» دراسة عن قصص «الطوفان الكبير» في أساطير الأمم المختلفة ، نستنتج منها أنها كانت منتشرة في قارة آسيا وفي استراليا وفي أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية ـ فيما قبل العهد الأوربي ـ ولكنها قليلة نسبيا في قارة أوربا ، وأقل منها في إفريقيا (٢).
ولعل من الأهمية بمكان أن نشير إلى أنه رغم كثرة قصص الطوفان وانتشارها ، فإنها تختلف فيما بينها اختلافات كثيرة ، كما أن قسما منها أساطير وضعت وضعا لتفسير بعض العوارض الأرضية كالمنخفضات الواسعة في البلاد التي وضعت فيها تلك الأساطير (٣) أضف إلى ذلك أنه ليست هناك رواية واحدة أصيلة عن الطوفان الكبير دونت في إفريقيا ، فمثلا لم يكتشف أثر لهذه الحكاية في الأدب المصري القديم ـ وهو دون شك أهم الآداب الأفريقية وأكثرها أصالة دون منازع ـ أما عن رواية الطوفان التي تنسب
__________________
(١) ٢٦٩١ ,,P.١١ Sollerder.E.The Fiood ,londoon ,
(٢) جيمس فريزر ، الفلكلور في العهد القديم ، ترجمة نبيلة إبراهيم ، مراجعة حسن ظاظا ، ص ٩١ ـ ٢١٩
(٣) طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارة القديمة ـ الجزء الأول ـ العراق ، ص ٤٦٠.