هيئة التدريس بقسم التاريخ في كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية سبب آخر للقيام بهذه الدراسة.
أولا : قصة الطوفان السومرية :
كان الناس يعتقدون حتى أواخر القرن الماضي أن التوراة هي أقدم مصدر لقصة الطوفان ، ولكن الاكتشافات الحديثة أثبتت أن ذلك مجرد وهم ، حيث عثر في عام ١٨٥٣ م على نسخة من رواية الطوفان البابلية ، وفي الفترة ما بين عامي ١٨٨٩ ، ١٩٠٠ م ، اكتشفت أول بعثة أمريكية قامت بالحفر في العراق اللوح الطيني الذي يحتوي على القصة السومرية للطوفان في مدينة «نيبور» (نفر) ، وكان «أرنو بوبل» أول من قام بنشره في عام ١٩١٤ م ، ثم تبعه آخرون (١) ، وإن كانت ترجمة «بوبل» هي الأساس الذي ما يزال يعتمد عليه الباحثون.
ويبدو من طابع الكتابة التي كتبت بها القصة السومرية أنها ترجع إلى ما يقرب من عهد الملك البابلي الشهير «حمورابي» (١٧٢٨ ـ ١٦٨٦ ق. م) ، على أنه من المؤكد أن القصة نفسها ، إنما ترجع إلى عصر أقدم من ذلك بكثير ، ذلك لأنه في هذا الوقت الذي كتب فيه اللوح لم يكن هناك وجود للسومريين ، بوصفهم عنصرا مستقلا ، إذ كانوا قد ذابوا في الشعب السامي ، كما أن لغتهم الأصلية كانت قد أصبحت من قبل لغة ميتة ، وذلك على الرغم من أن الكهنة والكتاب الساميين كانوا لا يزالون يدرسون الأدب القديم والنصوص المقدسة المحفوظة في ثنايا تلك الآداب ، ويعيدون كتابتها ، ومن ثم فإن اكتشاف رواية قصة الطوفان السومرية يدعو إلى افتراض أنها إنما ترجع إلى زمن سابق على احتلال الساميين لوادي الفرات ، وأن هؤلاء الساميين قد أخذوا هذه
__________________
(١) «أ»٩ ـ ٠٧ Arno Poebel ,in ,IV ,Pt.I.P.
«ب» L. W. King, Legends of Babylon and Egypt in Relation to Hebrow Tradition ٤١٩١.
«ح» S. N. Kramer, Sumerian Mythology, Philadelphia. ٤٤٩١. p. ٧٩ ـ ٨٩. وكذلك ANET ,P.٢٤ / ٤٤.