ومن بين الزخارف الرخيصة أو الإضافات الغريبة التي أضيفت إلى الأسطورة القديمة ، تصوير الناس وهم يعيشون في دعة قبل أن يحدث الطوفان ، فقد كانوا من زراعة واحدة يجنون محصولا يكفي حاجاتهم طيلة أربعين عاما ، كما كانوا بفنونهم السحرية يسخرون الشمس والقمر لخدمتهم ، ولم تكن الأجنة تمكث في بطون أمهاتها سوى بضعة أيام بدلا من تسعة شهور ، وبمجرد أن يولد الأطفال يكونون قادرين على الكلام والسير على الأقدام ، بل إنهم يتحدون الشياطين ويستهزءون بهم. وإن هذه الحياة السهلة المرفهة كانت هي السبب فيما وصل إليه الناس من ضلالة ، كما كانت دافعا لهم إلى ارتكاب الآثام ، وبخاصة الفسق والسلب ، الأمر الذي أثار غضب الرب وجعله يقرر أن يقضي على العاصين بأن يغرقهم في الطوفان.
ومع ذلك فقد أمهلهم الرب وأمر نوحا بأن يعظهم حتى يرجعوا عن هذه الطريق ، وهددهم بأن الرب سيغرقهم في الطوفان جزاء جورهم ، وقد أخذ نوح يعظهم طيلة مائة وعشرين عاما ، بل إن الرب منحهم مهلة أسبوع آخر في نهاية هذه المدة ، وفي هذا الأسبوع جعل الرب الشمس تشرق كل صباح من المغرب ، وتغرب في المساء في المشرق ، ولكن هذا كله لم يحرك هؤلاء العاصين للرجوع إلى التوبة ، بل على العكس أخذوا يسخرون من نوح الورع ، ويستهزءون به عند ما أبصروه يبني الفلك ، وكان نوح قد تعلم بناءه عن طريق كتاب مقدس كان قد سلمه الملاك «رزائيل» إلى آدم ، وكان يحتوي بين ثناياه على العلم الديني والدنيوي معا ، وقد كان هذا الكتاب من الياقوت الأزرق ، وقد وضعه نوح في صندوق ذهبي أحكم إغلاقه وأخذه معه في الفلك ، فقام مقام الساعة في التمييز بين الليل والنهار في أثناء فترة الفيضان التي لم تكن تسطع فيها الشمس أو يبزغ فيها القمر ، أما الطوفان فقد تسبب عن التقاء المياه المذكرة التي هطلت من السماء بالمياه الأنثوية التي تدفقت من الأرض ، وقد تدفقت مياه السماء من تجاويف صنعها الرب بأن انتزع نجمين من برج الثريا فتركا مكانهما تجويفا ، وعند ما شاء الرب بعد ذلك أن يسكت الأمطار الهاطلة من السماء عاد فسد التجويفين بنجمين أخذهما من برج الدب ، وهذا هو السبب في أن برج الدب ما زال يلاحق برج الثريا حتى اليوم مطالبا بأولاده ولكنه لن يحصل عليهم إلى الأبد.
ومنها كذلك أن هناك حيوانا ضخما هو «الريم» لم يجد له مكانا في الفلك لضخامته ،