كوك (١) ، وجورج بارتون (٢) ، وجاك فينجان (٣) ، ويونجر (٤) ، وول ديورانت (٥) ، وجيمس فريزر (٦) ـ على أن قصة الطوفان ، كما جاءت في التوراة ، ليست قصة عبرية أصيلة ، وإنما أخذها الإسرائيليون من ميزوبوتاميا ، ولكن القصة لم تنقل بطريقة عمياء ، وإنما تصرفوا فيها بطريقة تتفق وأهداف كتابهم المقدس ، ذلك لأن القصة التوراتية هي نفس القصة التي وجدت على ألواح مكتوبة منذ فترة ترجع إلى ما قبل عصر إبراهيم ـ عليهالسلام (٧) ـ بل إن الرواية البابلية أقدم من الرواية العبرية بما يقرب من أحد عشر أو اثني عشر قرنا ، فضلا عن أن الحكاية العبرية في جوهرها ـ كما لاحظ تسيمرن ـ تقضي بأن يكون البلد المشار إليه قابلا لحدوث الفيضان مثل بابل ، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في أن الحكاية نشأت أصلا في بابل ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى فلسطين ، فإذا أضفنا إلى ذلك أن القصتين تتفقان لا في الأحداث الأساسية فحسب ، بل إن وجوه الاتفاق بين القصتين تتعدد حتى تشمل التفصيلات الجزئية ، بحيث لا يمكننا أن نرجع ذلك إلى محض الصدفة (٨) ، أو حتى إلى توارد الأفكار ، يتبين لنا إلى أي حد اعتمدت قصة الطوفان في التوراة على قصص سومر وبابل الخاص بالطوفان.
ولعل سؤال البداهة الآن : إذا كان ذلك كذلك ، وإذا كانت قصة الطوفان في التوراة تعتمد على قصص الطوفان في بلاد النهرين ، فمتى وكيف تمّ ذلك؟
يقول (ه. ج. ويلز) : إنه من الراجح أن العهد القديم (التوراة) قد جمع لأول مرة
__________________
(١) S. A. Cook, in the Cambridge Ancient History, III, Cambridge, ٥٦٩١, P. ١٨٤.
(٢)George A. Barton, Archaeology and the Bible, ٧٣٩١, P. ٠٢٣.
(٣)Jack Finegan, Light from the Ancient past, the Archaeological Background of Judaism and Christianity, Princeton, ٩٦٩١, P. ٠٣.
(٤)Merrill. F. Unger, Unger\'s Bible Dictionary, Chicago, ٠٧٩١, P. ٢٧٣.
(٥) ول ديورانت : قصة الحضارة ـ الجزء الثاني ـ ترجمة محمد بدران ـ القاهرة ١٩٦١ ص ٣٦٨.
(٦) جيمس فريزر : المرجع السابق ص ١١٣ ـ ١١٩.
(٧) Sir Leonard Woolley ,op.cit.,P.٤٣.
(٨) جيمس فريزر : المرجع السابق ص ١١٣ / ، ١١٥.