إلى الإمام علي رضياللهعنه ـ إلى أنه فلق الصبح وتنوير الفجر ـ أي إشراقة وضياؤه ـ ورغم أن هذه الرواية ـ فيما يرى ابن كثير ـ غريبة ، فإنها الرواية الأكثر قبولا ، فيما نظن ، فضلا عن أنها الرواية الوحيدة التي تتفق إلى حد ما مع النصوص القديمة ، وأما مكان التنور ، فهو موضوع خلاف كذلك ، فهناك من يراه في الهند ، وهناك من يراه في الكوفة ، بينما ذهب رأي ثالث إلى أنه في الجزيرة ، بل ويتجه رأي رابع إلى أن هذه الآراء جميعا ليست بمتناقضة ، لأن الله عزوجل أخبرنا أن الماء جاء من الأرض ومن السماء «ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، وفجرنا الأرض عيونا» فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة (١).
ومما هو جدير بالذكر أن «ابن بطوطة» يذكر أن بالكوفة مسجدا صغيرا محلقا عليه أيضا بأعواد الساج ، يذكر أنه الموضع الذي فار منه التنور ، إيذانا بطوفان نوح عليهالسلام ، وفي ظهره خارج المسجد بيت يزعمون أنه بيت نوح عليهالسلام ، وإزاءه بيت يزعمون أنه متعبد إدريس عليهالسلام ، ويتصل بذلك فضاء متصل بالجدار القبلي يقال إنه موضع إنشاء سفينة نوح عليهالسلام ، هذا ويذكر «ستون لويد» ـ وهو من كبار علماء الآثار الآشورية ـ أنه بالجامع الكبير بالكوفة مقصورة في باطن الأرض تعرف باسم السفينة حيث يعتقد المسلمون أن الفلك قد استقر بها ، ويرى أن موقعها على صخرة مطلة على ساحل البحر القديم أفضل مكان بلا شك لرسو السفينة من قمة جبل «أرارات» ، ويرى الدكتور محمد عبد القادر ، أننا إذا نظرنا إلى خريطة العراق ، لوجدنا أن الكوفة تتوسط المنطقة التي حدث بها الطوفان ، والممتدة تقريبا من أبو حبة (سيبار) في الشمال إلى أبو شهرين (أريدو) في الجنوب ، كما أنها قريبة نسبيا من فارة (شورباك) المذكورة في القصة السومرية والتي كانت يوما ما على الفرات ، فالقصة المتواترة في الكوفة والتي رواها ابن بطوطة وغيره من الرحالة ـ وكانوا لا يعلمون عند ما كتبوا بالقصص السومري والأكدي القديم ـ كان لها أساس قوي من الصحة (٢).
__________________
(١) ابن كثير : البداية والنهاية ص ١١١ ، تفسير القرآن العظيم ص ٢٥٤ ، وكذلك الطبري : المرجع السابق ص ١٨٦ ـ ١٨٧. وكذلك ابن الأثير : المرجع السابق ص ٧٠.
(٢) محمد عبد القادر : المرجع السابق ص ٩٧ ، وكذلكSeton Lioyd, Foundstions in the Rust) Pelican (٥٥٩١, P. ٠٣.