وقد اختلف المؤرخون الإسلاميون كذلك في عدد من ركب الفلك ، فذهب رأي إلى أنهم ثمانون نفسا (١) ، وذهب رأي آخر إلى أنهم اثنان وسبعون نفسا ، بينما ذهب رأي ثالث إلى أنهم كانوا ثلاثة عشرة ، وذهب رأي رابع إلى أنهم كانوا عشرة فقط ، بينما ذهب رأي خامس إلى أنهم كانوا ثمانية ـ نوح وامرأته وبنوه الثلاثة ونساؤهم ـ وأخيرا ذهب رأي سادس إلى أنهم سبعة فقط (٢).
والأمر كذلك بالنسبة إلى مدى ارتفاع الماء على أعلى جبل في الأرض ، فذهب رأي إلى أن ذلك إنما كان خمسة عشر ذراعا ، وذهب رأي آخر إلى أنها ثمانون ذراعا ، وأنه لم يبق من الأحياء عين تطرف إلا نوح ومن معه في الفلك ، وإلا عوج بن عنق ، فيما يزعم أهل التوراة (٣) ، وفي الواقع إن هذه رواية متأخرة ليست في التوراة ، فضلا عن أنها تتعارض مع رأي هؤلاء العلماء في أن الطوفان عام ، كما أن طول عوج بن عنق ـ إن كان هناك من يسمى عوج بن عنق ـ يتعارض مع ما جاء في الصحيحين عن المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من «أن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن» وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «لو رحم الله من قوم نوح أحدا ، لرحم أم الصبي».
ويذهب المفسرون إلى أن الطوفان قد غطى كل بقاع الأرض إلا الكعبة الشريفة ، ذلك لأن سفينة نوح ـ فيما يرون ـ قد طافت بالأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء ، حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا ، ورفع الله البيت الذي بناه آدم عليهالسلام ـ وهو البيت المعمور والحجر الأسود ـ على جبل أبي قبيس (٤) ،
__________________
(١) راجع رواية ياقوت الحموي (معجم البلدان ٣ : ٢٣) عن قرية الثمانين وأنها عند جبل الجودي قرب جزيرة ابن عمر التغلبي فوق الموصل.
(٢) ابن كثير : البداية والنهاية ص ١١١ ـ ١١٢ ، تفسير القرآن العظيم ص ٢٥٥ وكذلك القرطبي ص ٣٢٦٣ ، وكذلك الطبري ص ١٨٧ ـ ١٨٩ ، وكذلك الطبقات الكبرى ص ١٨ ، وكذلك ابن الأثير ص ٧٠.
(٣) ابن كثير : البداية والنهاية ص ١١٢ ، وكذلك الطبري ص ١٨٥ ، وكذلك الطبقات ص ١٧ ، وكذلك ابن الأثير ص ٧٠.
(٤) الطبري ص ١٨٥ ، وكذلك الطبقات ص ١٧.