الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) (١) ، والمراد بها الأرض التي كانوا يعيشون فيها ، أي فلسطين.
ولعل من الأفضل هنا أن ننقل فتوى الأستاذ الإمام محمد عبده في طوفان نوح ، كما جاءت في تفسير المنار ، ردا على سؤال الشيخ عبد الله القدومي بمدينة نابلس.
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية :
وصلنا مكتوبكم المؤرخ في ٤ شوال سنة ١٣١٧ ه ، الذي أنهيتم به أنه ظهر قبلكم نشء جديد من الطلبة ديدنهم البحث في العلوم والرياضة والخوض في توهين الأدلة القرآنية ، وقد سمع من مقالتهم الآن : أن الطوفان لم يكن عاما لأنحاء الأرض ، بل هو خاص بالأرض التي كان بها قوم نوح عليهالسلام ، وأنه بقي ناس في أرض الصين لم يصبهم الغرق ، وأن دعاء نوح عليهالسلام بهلاك الكافرين لم يكن عاما بل هو خاص بكفار قومه ، لأنه لم يكن مرسلا إلى قومه ، بدليل ما صح «وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة».
فإذا قيل لهم : إن الآيات الكريمة ناطقة بخلاف ذلك ، كقوله تعالى حكاية عن نوح عليهالسلام «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» ، وقوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ، قالوا هي قابلة للتأويل ولا حجة فيها ، وإذا قيل لهم : إن جهابذة المحدثين أجابوا بأنه صح في أحاديث الشفاعة أن نوحا عليهالسلام أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ، وأنه يتعين أن يكون قومه أهل الأرض ، ويكون عموم بعثته أمرا اتفاقيا لعدم وجود أحد غير قومه ، ولو وجد غيره لم يكن مرسلا إليهم ، سخروا من المحدثين ، واستندوا إلى حكايات منسوبة إلى أهل الصين ، ورغبتهم منا بذلك المكتوب كشف الغطاء عن سر هذا الحادث العظيم ، ورغبتم منا
__________________
(١) سورة الإسراء : آية ٤.