(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
القراآت : «آذانهم» وبابه بالإمالة : نصير وأبو عمر. «بالكافرين» وما أشبهها مما كان في محل الخفض بالإمالة : أبو عمر وقتيبة ونصير وأبو عمرو ويعقوب غير روح. «شاء الله» حيث كان بالإمالة : حمزة وعلي وخلف وابن ذكوان.
الوقوف : «نارا» (لا) لأن جواب «لما» منتظر لما فيها من معنى الشرط مع دخول فاء التعقيب فيها. «لا يبصرون» (ه) «لا يرجعون» (ه) للعطف بأو وهو للتخيير ، ومعنى التخيير لا يبقى مع الفصل. ومن جعل «أو» بمعنى الواو جاز وقفه لعطفه الجملتين مع أنها رأس آية. وقد اعترضت بينهما آية على تقدير ومثلهم كصيب. «وبرق» (ج) لأن قوله «يجعلون» يحتمل أن يكون خبر المحذوف ، أي هم يجعلون ، أو حالا عامله معنى التشبيه في الكاف ، وذو الحال محذوف أي كأصحاب صيب. «الموت» (ط) «بالكافرين» (ه) «أبصارهم» (ط) لأن كلما استئناف. «فيه» (لا) لأن تمام المقصود بيان الحال المضاد للحال الأول «قاموا» (ط) و «أبصارهم» (ط) «قدير» (ه).
التفسير : لما جاء بحقيقة صفة المنافقين عقبها بضرب المثل تتميما للبيان. ولضرب الأمثال شأن ليس بالخفي في رفع الأستار عن الحقائق حتى يبرز المتخيل في معرض اليقين ، والغائب كأنه شاهد ، وفيه تبكيت للخصم الألد. ولأمر ما أكثر الله تعالى في كتبه أمثاله (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) [الحشر : ٢١] وفشت في كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم «مثل الدنيا مثل ظلك إن طلبته تباعد وإن تركته تتابع» «مثل الجليس الصالح كمثل الداري» وأمثال العرب أكثر من أن تحصى ، حتى صنف فيها كتب مشهورة. والمثل في أصل كلامهم بمعنى المثيل وهو النظير ، ثم قيل للقول السائر المشبه مضربه بمورده مثل. ولا يخلو من غرابة ، ومن ثم حوفظ عليه من التغيير. وأما هاهنا فاستعير المثل للحال أو الصفة أو القصة التي فيها غرابة ولها شأن ، شبهت حالهم العجيبة الشأن من حيث إنهم أوتوا ضربا من الهدى بحسب الفطرة ، ولما