يتكلمون على تلك الطاعات (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الأنفال : ٢] (الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) [المؤمنون : ٥٧] (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء : ٨٢] (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل : ١٩] أو أعلم من المصالح في ذلك ما هو خفي عليكم ، ولكم في هذا الإجمال ما يغنيكم عن التفصيل ، فإن أفعالي كلها حكمة ومصلحة ، وإن خفي عليكم وجه كل واحد واحد على أنه قد بين لهم بعض ذلك في قوله :
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣))
القراآت : (أَنْبِئُونِي) وكذلك (الْخاطِؤُنَ) و (خاسِئِينَ) و (فَمالِؤُنَ) و (نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) و (لِيُطْفِؤُا) و (لِيُواطِؤُا) و (مُتَّكِئِينَ) و (قُلِ اسْتَهْزِؤُا) و (مُتَّكَأً) و (يَسْتَنْبِئُونَكَ) وبابه (بَرِيئاً) و (بَرِيئُونَ) وبابه ، وكهيئة وأشباه ذلك ، ابن كثير وأبو جعفر ونافع وأبو عمرو. (هؤُلاءِ) ها بغير المد ، أولاء بالمد : يزيد ويعقوب وأوقية ومصعب عن قالون. قال أبو إسحق : هما كلمتان لا يمدها ويمد أولاء. (هؤُلاءِ إِنْ) بهمزتين : عاصم وحمزة وعلي وخلف وابن عامر. وقرأ أبو عمرو والبزي من طريق الهاشمي بترك الهمزة الأولى وإثبات الثانية ، وكذلك في المفتوحتين والمضمومتين. وقرأ يزيد وورش والقواص وسهل ويعقوب بإثبات الهمزة الأولى وتليين الثانية. وعن نافع : تليين الأولى وإثبات الثانية ، وكذلك في المضمومتين. وأما في المفتوحتين فكأبي عمرو. (أَنْبِئْهُمْ) عن ابن عامر روايتان : مهموزة مكسورة الهاء ، وغير مهموزة مكسورة الهاء.
الوقوف : (صادِقِينَ) (ه) (عَلَّمْتَنا) (ط) (الْحَكِيمُ) (ه) (أَنْبِئْهُمْ) (ج) (بِأَسْمائِهِمْ) (ج) لمكان فاء التعقيب. (بِأَسْمائِهِمْ) (لا) لأن «قال» جواب «فلما» (تَكْتُمُونَ).
التفسير : وفيه أبحاث :
الأول : الأشعري والجبائي والكعبي على أن اللغات كلها توقيفية بمعنى أن الله تعالى خلق علما ضروريا بتلك الألفاظ وتلك المعاني ، وبأن تلك الألفاظ موضوعة لتلك المعاني بدليل قوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) وهذا يدل على أن الملائكة وآدم لا يعلمون إلا بتعليم الله تعالى إياهم. وخالفهم أصحاب أبي هاشم الذاهبون