الفرس سبعين عاما» وذلك أن الشيطان يضع البدعة للناس فيبصرها العالم ويزيلها والعابد يقبل على عبادته لا يتوجه إليها ولا يتعرف لها. وقال صلىاللهعليهوسلم لعلي رضياللهعنه حين بعثه إلى اليمن : «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما تطلع عليه الشمس أو تغرب» (١) وعن ابن مسعود مرفوعا «من طلب العلم ليحدث به الناس ابتغاء وجه الله أعطاه الله أجر سبعين نبيا» وعن عامر الجهني مرفوعا «يؤتى بمداد العلماء ودم الشهداء يوم القيامة لا يفصل أحدهما على الآخر» وفي رواية «فيرجح مداد العلماء» وعن أبي واقد الليثي أن النبي صلىاللهعليهوسلم بينما هو جالس والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر. فأما أحدهم فرأى فرجة في الحلقة فجلس إليها ، وأما الآخر فجلس خلفهم ، وأما الثالث فإنه رجع وفر. فلما فرغ صلىاللهعليهوسلم من كلامه قال : ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ فأما الأول فأوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه. وعنه صلىاللهعليهوسلم «يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء» (٢) قال الراوي : فأعظم بمرتبة هي الواسطة بين النبوة والشهادة. وعن أبي هريرة مرفوعا «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له بالخير» (٣) وعن النبي صلىاللهعليهوسلم «إذا سألتم الحوائج فاسألوها الناس. قيل : يا رسول الله ومن الناس؟ قال صلىاللهعليهوسلم : أهل القرآن. قيل : ثم من؟ قال : أهل العلم. قيل : ثم من؟ قال صلىاللهعليهوسلم : صباح الوجوه» قال الراوي : والمراد بأهل القرآن من يحفظ معانيه. وقال صلىاللهعليهوسلم «كن عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامسة فتهلك» قال الراوي : وجه التوفيق بين هذه الرواية وبين الرواية الأخرى «الناس رجلان عالم ومتعلم وسائر الناس همج لا خير فيه» أن المستمع والمحب بمنزلة المتعلم ، وما أحسن قول بعض الأعراب لولده : كن سبعا خالسا ، أو ذئبا خانسا ، أو كلبا حارسا ، وإياك أن تكون إنسانا ناقصا. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يحدث إنسانا فأوحى الله تعالى إليه أنه لم يبق من عمر هذا الرجل الذي تحدثه إلا ساعة ـ وكان هذا وقت العصر ـ فأخبره الرسول بذلك فاضطرب الرجل وقال : يا رسول الله دلني على أوفق عمل لي في هذه الساعة. قال صلىاللهعليهوسلم : اشتغل بالتعلم. فاشتغل بالتعلم وقبض قبل المغرب. قال الراوي : فلو كان شيء أفضل من العلم لأمره النبي صلىاللهعليهوسلم به في ذلك الوقت. وأما الآثار ، فإن مصعب بن الزبير قال لابنه : تعلم العلم
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب ١٠٢ ، ١٤٣. مسلم في كتاب فضائل الصحابة حديث ٣٥.
أحمد في مسنده (٥ / ٢٣٨ ، ٣٢٣).
(٢) رواه ابن ماجه في كتاب الزهد باب ٣٧.
(٣) رواه الدارمي في كتاب المقدمة باب ٤٦.