فإنه إن يك لك مال كان لك جمالا ، وإن لم يكن لك مال كان العلم لك مالا. وقال علي بن أبي طالب : لا خير في الصمت عن العلم كما لا خير في الكلام عن الجهل. وقيل : مثل العالم بالله كمثل الشمس لا يزيد ولا ينقص. وهو الجالس على الحد المشترك بين عالم المعقولات وعالم المحسوسات ، فهو تارة مع الله بالحب له ، وتارة مع الخلق بالشفقة والرحمة ، فإذا رجع من ربه إلى الخلق صار كواحد منهم كأنه لم يعرف الله ، وإذا خلا بربه مشتغلا بذكره وخدمته فكأنه لا يعرف الخلق ، فهذا سبيل المرسلين والصديقين. ومثل العالم بالله فقط كمثل القمر يكمل تارة وينقص أخرى ، وهو المستغرق في المعارف الإلهية غير متفرغ لتعلم علم الأحكام إلا ما لا بد منه ، ومثل العالم بأمر الله فقط وهو العارف بالحلال والحرام دون أسرار جلال الله ، كمثل السراج يحرق نفسه ويضيء لغيره. وقال شقيق البلخي : الناس يقومون من مجلسي على ثلاثة أصناف ، وذلك أني أفسر القرآن فأقول عن الله وعن الرسول ، فمن لا يصدقني فهو كافر محض ، ومن ضاق قلبه منه فهو منافق محض ، ومن ندم على ما صنع وعزم على أن لا يذنب كان مؤمنا محضا. وقال أيضا : ثلاثة من النوم يبغضها الله ، وثلاثة من الضحك : النوم بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العتمة ، والنوم في الصلاة ، والنوم عند مجلس الذكر. والضحك خلف الجنازة ، والضحك في المقابر ، والضحك في مجلس الذكر. وقيل : العالم أرأف بالتلميذ من الأب والأم ، لأن الآباء والأمهات يحفظونهم من نار الدنيا وآفاتها ، والعلماء يحفظونهم من نار الآخرة وشدائدها. وقيل لابن مسعود : بم وجدت هذا العلم؟ قال : بلسان سؤل وقلب عقول. وقال بعضهم : سل مسألة الحمقى واحفظ حفظ الأكياس. وقيل : الدنيا بستان تزينت بخمسة أشياء : علم العلماء ، وعدل الأمراء ، وعبادة العباد ، وأمانة التجار ، ونصيحة المحترفين. فجاء إبليس بخمسة أعلام وأقامها بجنب هذه الخمس. فجاء بالحسد فركزه في جنب العلم ، وجاء بالجور فركزه بجنب العدل ، وجاء بالرياء فركزه بجنب العبادة ، وجاء بالخيانة فركزها بجنب الأمانة ، وجاء بالغش فركزه بجنب النصيحة. وقال علي بن أبي طالب رضياللهعنه : العلم أفضل من المال لسبعة أوجه : العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث الفراعنة ، العلم لا ينقص بالنفقة والمال ينقص ، المال يحتاج إلى الحافظ والعلم يحفظ صاحبه ، إذا مات الرجل خلف ماله والعلم يدخل معه قبره ، المال يحصل للمؤمن والكافر والعلم لا يحصل الا للمؤمن ، جميع الناس محتاجون إلى العالم في أمر دينهم ولا يحتاجون إلى صاحب المال ، العلم يقوي الرجل عند المرور على الصراط والمال يمنعه منه. قال الفقيه أبو الليث : من جلس عند العالم ولا يقدر أن يحفظ من ذلك العلم شيئا فله سبع