كرامات : ينال فضل المتعلمين ، وكان محبوسا من الذنوب ما دام جالسا عنده ، وإذا خرج من منزله طلبا للعلم نزلت الرحمة عليه ، وإذا جلس في حلقة العلم فنزلت الرحمة عليهم حصل له منها نصيب ، وما دام يكون في الاستماع تكتب له طاعة ، إذا استمع ولم يفهم ضاق قلبه وانكسر فيكون في زمرة «أنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي» ، إذا رأى إعزاز المسلمين للعالم وإذلالهم للفساق نفر عن الفسق ومال إلى طلب العلم. وقيل : ثلاثة لا ينبغي للشريف أن يأنف منها وإن كان أميرا : قيامه من مجلسه لأبيه ، وخدمته للعالم الذي يتعلم منه ، والسؤال عما لا يعلم ممن هو أعلم منه.
(واعلم) أن الله تعالى علم سبعة نفر سبعة أشياء : علم آدم الأسماء كلها ، وعلم الخضر علم الفراسة (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف : ٦٥] وعلم يوسف علم التعبير (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) [يوسف : ١٠١] وعلم داود صنعة الدرع (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) وعلم سليمان منطق الطير (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) [النمل : ١٦] وعلم عيسى عليهالسلام علم التوراة والإنجيل (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [آل عمران : ٤٨] وعلم محمدا صلىاللهعليهوسلم الشرع والتوحيد (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) [النساء : ١١٣] فعلم آدم كان سببا لحصول السجدة والتحية ، وعلم الخضر كان سببا لوجود تلميذ مثل موسى ويوشع ، وعلم يوسف لوجود الأهل والمملكة ، وعلم سليمان لوجدان بلقيس والغلبة ، وعلم داود للرياسة والملك ، وعلم عيسى لزوال التهمة عن أمه ، وعلم محمد صلىاللهعليهوسلم لوجدان الشفاعة. ثم نقول : من علم أسماء المخلوقات وجد تحية الملائكة ، فمن علم ذات الخالق وصفاته أما يجد تحية الملائكة بل تحية ربه (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس : ٥٨] والخضر وجد بعلم الفراسة صحبة موسى ، فأمة محمد بعلم الحقيقة يجدون صحبة محمد صلىاللهعليهوسلم (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) [النساء : ٦٩] ويوسف بتأويل الرؤيا نجا من حبس الدنيا ، فمن كان عالما بتأويل كتاب الله كيف لا ينجو من حبس الشبهات (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [يونس : ٢٥] وأيضا فإن يوسف عليهالسلام ذكر منة الله على نفسه حيث قال (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) [يوسف : ١٠١] فأنت يا عالم ، أما تذكر نعمة الله على نفسك حيث جعلك مفسرا لكلامه ، وسميا لنفسه ووارثا لنبيه وداعيا لخلقه وواعظا لعباده وسراجا لأهل بلاده وقائدا للخلق إلى جنته وثوابه ، وزاجرا لهم عن ناره وعقابه ، كما جاء في الحديث «العلماء سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة» وإن سليمان لم يحتج إلى الهدهد إلا لعلمه بالماء. (وروي) عن نافع بن الأزرق أنه قال لابن عباس : كيف اختار سليمان الهدهد لطلب الماء؟ قال : لأن الأرض له كالزجاجة يرى باطنها من ظاهرها. فقال نافع : الفخ يغطى له بأصبع من التراب فلا يراه فيقع