يخرجون من النار. وزعم المعتزلة أن بناء الكلام على «هم» لتقوي الحكم وإفادة التأكيد كقوله تعالى (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [الأعراف : ١٩] فإنه لا يدل على أن غير الأصنام غير مخلوق والله أعلم حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١))
القراآت : (خُطُواتِ) ساكنة الطاء حيث كان : أبو عمرو وغير عباس ونافع وحمزة وخلف الهاشمي وأبو ربيعة عن البزي والقواس والحماد وأبو بكر غير البرجمي. الباقون : بالضم. (بَلْ نَتَّبِعُ). وبابه مثل (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ) [الكهف : ١٠٣] و (بَلْ نَقْذِفُ) [الأنبياء : ١٨] مدغما حيث كان : علي وهشام.
الوقوف : (طَيِّباً) ز والوصل أجوز لعطف الجملتين المتفقتين (الشَّيْطانِ) ط (مُبِينٌ) ه (ما لا تَعْلَمُونَ) ه (آباءَنا) ط لابتداء الاستفهام (وَلا يَهْتَدُونَ) ه (وَنِداءً) ط لحق المحذوف أي هم صم (لا يَعْقِلُونَ) ه.
التفسير : قال الكلبي : نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة ، حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي. والآية مسوقة لتقرير طرف من جهالات المشركين المتخذين من دون الله أندادا. وحلالا مفعول كلوا أو حال مما في الأرض وهو المباح الذي انحلت عقدة الحظر عنه من الحل الذي يقابل العقد. ومنه حل بالمكان إذا نزل ، وحل عقد الرحال ، وحل الدين وجب لانحلال العقدة بانقضاء المدة ، والحلة لأنها تحل عن الطي للبس. وتحلة القسم لأن عقدة اليمين تنحل به. ثم الحرام قد يكون حراما في جنسه كالميتة والدم ، وقد يكون حراما لعرض كملك الغير إذا لم يأذن في أكله ، فالحلال هو الخالي عن القيدين والطيب إن أريد به ما يقرب من الحلال لأن الحرام يوصف بالخبيث (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) [المائدة : ١٠٠] فالوصف لتأكيد المدح مثل (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة : ١٣] أي الطاهر من كل شبهة. ويمكن أن يراد بالطيب اللذيذ ، أو يراد بالحلال ما يكون بجنسه حلالا وبالطيب ما لا يتعلق به حق الغير. والخطوة بالضم ما بين قدمي الخاطي كالغرفة بالضم اسم لما يغترف والفعلة بالضم والسكون إذا كانت اسما تجمع في الصحيح بسكون العين وضمها.