(كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] أي ذاته. ومنها اسم المطلق على المقيّد كقوله :
فيا ليت كل اثنين بينهما هوى |
|
من الناس قبل اليوم يلتقيان |
أي قبل يوم القيامة. ومنها العكس كقول شريح : أصبحت ونصف الخلق عليّ غضبان ، يريد المحكوم عليهم وظاهر أنهم ليسوا النصف سواء. ومنها اسم الخاص على العام كقوله سبحانه (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] أي رفقاء له تعالى. ومنها العكس ، كقوله سبحانه حكاية عن محمد صلىاللهعليهوسلم (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام : ١٦٣] لأن الأنبياء قبله كانوا كذلك. ومنها كون المضاف محذوفا نحو (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ومنها كون المضاف إليه محذوفا كقوله : «أنا ابن جلا وطلاع الثنايا». أي أنا ابن رجل جلا. ومنها إطلاق اسم آلة الشيء عليه مثل (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ) [الشعراء : ٨٤] أي ذكرا حسنا ، لأن اللسان آلة الذكر. ومنها إطلاق اسم الشيء على بدله ، كما يقال : فلان أكل الدم ، أي ديته قال : «يأكلن كل ليلة إكافا». أي ثمن إكاف. ومنها إطلاق النكرة للعموم كقوله عز من قائل (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) [التكوير : ١٤] أي كل نفس. ومنها إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر مثل (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠] إذ جزاء السيئة حسنة ، ومنه قولهم : قاتله الله ما أحسن ما قال ، يريدون الدعاء له. ومنها إطلاق المعرّف باللام وإرادة واحد منكر كقوله تعالى (ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [النساء : ١٥٤] ، أي بابا من أبوابها وسيجيء. ومنها الحذف نحو (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء : ١٧٦] ، أي لئلا تضلوا. ومنها الزيادة نحو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١].
واعلم أن المجاز بالحقيقة فرع من فروع التشبيه ؛ لأنك إذا قلت : زيد أسد ، فكأنك قلت : زيد كالأسد في الجراءة ، فيستدعي مشبها ومشبها به ووجه شبه بينهما.
والمشبه والمشبه به قد يكونان حسيين كقولك : خدّه كالورد ؛ أو عقليين كالعلم إذا شبه بالحياة ؛ أو أحدهما محسوسا والآخر معقولا كالعطر إذا شبه بخلق كريم ، أو كالعدل إذا شبه بالقسطاس ، والخياليات كالشقيق إذا شبه بأعلام ياقوت منشرة ملزوزة في قرن ، والوهميات في قولك : نطقت الحال بشيء هو لها شبيه باللسان ، فإنه صورة وهمية محضة. وكذا الوجدانيات كاللذة والألم والشبع والجوع ملحقة بالعقليات.
ووجه التشبيه إما أن يكون أمرا واحدا أو لا ، وحينئذ إما أن لا يكون في حكم الواحد كما إذا شبهت إنسانا بالشمس في حسن الطلعة ونباهة الشأن وعلو الرتبة ، أو يكون. وذلك