عن تأنيث مصر الذي هو بتأويل البقعة. وقال بعض المتأخرين : الأولى أن يقال : إن التنوين للصرف وإنما لم يسقط في نحو «عرفات» لأنه لو سقط لتبعه الكسر في السقوط وتبع النصب وهو خلاف ما عليه الجمع السالم ، إذ الكسر فيه متبوع لا تابع فهو فيه كالتنوين في غير المنصرف للضرورة لم يحذفا لمانع. هذا مع أنه جوز المبرد والزجاج هاهنا مع العلمية حذف التنوين وإبقاء الكسر كبيت امرئ القيس في رواية.
تنورتها من أذرعات وأهلها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عالي |
وبعضهم يفتح التاء في مثله مع حذف التنوين كسائر ما لا ينصرف. فعلى هذين الوجهين التنوين للظرف بلا خلاف ، والأشهر بقاء التنوين في مثله مع العلمية. وقيل : التنوين عوض من منع الفتحة. واعلم أن اليوم الثامن من ذي الحجة يسمى بيوم التروية ، واليوم التاسع منه يسمى بيوم عرفة. وعرفة وعرفات هي الموضع المخصوص. فقيل : التروية التفكر. وسببه أن آدم عليهالسلام لما أمر ببناء البيت فبناء تفكر فقال : يا رب إن لكل عامل أجرا فما أجري على هذا العمل؟ قال : إذا طفت به غفرت لك ذنوبك بأول شوط من طوافك. قال : يا رب زدني قال : أغفر لأولادك إذا طافوا به. قال : زدني ، فقال : أغفر لكل من استغفر له الطائفون من موحدي أولادك. قال : حسبي يا رب حسبي. وقيل : ان إبراهيم عليهالسلام رأى في منامه ليلة التروية كأنه يذبح ابنه فأصبح متفكرا هل هذا من الله أو من الشيطان ، فلما رآه ليلة عرفة يؤمر به أصبح فقال : عرفت يا رب أنه من عندك. وقيل : إن أهل مكة يخرجون يوم التروية إلى منى فيروّون في الأدعية التي يذكرونها في الغد بعرفات. وقيل : التروية الإرواء فإن أهل مكة كانوا يجمعون الماء للحجيج الذي يقصدونهم من الآفاق فيتسعون في الماء بعد ما تعبوا في الطريق من قلة الماء ، أو لأنهم يتزوّدون الماء إلى عرفة ، أو لأن المذنبين كالعطاش وردوا بحار الرحمة فشربوا منها حتى رووا. أما يوم عرفة فقيل : إنه من المعرفة لأن آدم وحوّاء عليهماالسلام التقيا بعرفة فعرف أحدهما صاحبه ، عن ابن عباس أو لأن جبريل عليهالسلام علم آدم مناسك الحج فلما وقف بعرفات قال له : أعرفت؟ قال : نعم. أو لأن إبراهيم عليهالسلام عرفها حين رآها بما تقدم من النعت والصفة. عن علي عليهالسلام وابن عباس وعطاء والسدي. أو لأن جبريل عرف بها إبراهيم المناسك وقد مر في قوله (وَأَرِنا مَناسِكَنا) [البقرة : ١٢٨] أو لأن إبراهيم وضع ابنه إسماعيل وأمه هاجر بمكة ورجع إلى الشام ولم يتلاقيا سنين ثم التقيا يوما بعرفات ، وقد سبقت القصة في بناء البيت في قوله (وَإِذْ يَرْفَعُ