علمك الله من عادتك أو من غالب عادات النساء. ويحرم في الحيض عشرة أشياء : الصلاة والصوم والاعتكاف والمكث في المسجد والطواف ومس المصحف وقراءة القرآن والسجود والغشيان بنص القرآن والطلاق في حق بعضهن ثم إن أكثر فقهاء الأمصار على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا يحل مجامعتها إلا بعد أن تغتسل عن الحيض ، وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي والثوري. والمشهور عن أبي حنيفة أنها إن رأت الطهر دون عشرة أيام لم يقربها زوجها حتى تغتسل ويمضي عليها وقت صلاة ، وإن رأته عشرة أيام جاز له أن يقربها قبل الاغتسال. حجة الشافعي أن القراءة المتواترة حجة بالإجماع فإذا حصلت قراءتان متواترتان وجب الجمع بينهما ما أمكن. فمن قرأ «يطهرن» بالتخفيف فانتهاء الحرمة عنده انقطاع الدم ، ومن قرأ «يطهرن» بالتثقيل فالنهاية تطهرها بالماء ، والجمع بين الأمرين ممكن بأن يكون النهاية حصول الشيئين. ومعنى قوله (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) أي لا تجامعوهن وهذا كالتأكيد لقوله (فَاعْتَزِلُوا) ويحتمل أن يكون ذلك نهيا عن المباشرة في موضع الدم وهذا نهي عن الالتذاذ بما يقرب من ذلك الموضع. وأيضا قوله (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) تعليق للإتيان على التطهر بكلمة «إذا» ، فوجب أن لا يجوز الإتيان عند عدم التطهر. والمراد بالتطهر الاغتسال ؛ لأن هذا الحكم عائد إلى ذات المرأة ، فوجب أن يحصل في كل بدنها لا في بعض من أبعاض بدنها. وعن عطاء وطاوس هو أن تغسل الموضع وتتوضأ. وقال بعضهم : غسل الموضع. ثم القائلون بوجوب الاغتسال أجمعوا على أن التيمم يقوم مقامه عند إعواز الماء (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) أي من المأتي الذي أمركم به وحلله لكم وهو القبل. عن ابن عباس ومجاهد وإبراهيم وقتادة وعكرمة. وقال الأصم والزجاج : فأتوهن من حيث يحل لكم غشيانهن وذلك بأن لا يكنّ صائمات ولا معتكفات ولا محرمات. وعن محمد ابن الحنيفة : فأتوهن من قبل الحلال دون الفجور.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) مما عسى أن يبدر عنهم من ارتكاب ما نهوا عنه من ذلك بمجامعة الحائض والطاهرة قبل الغسل وإتيان الدبر (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) المتنزهين عن تلك الفواحش. فالتائب هو الذي فعله ثم تركه ، والمتطهر هو الذي ما فعله تنزها عنه لأن الذنب كأنه نجاسة روحانية حكمية (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة : ٢٨] أو يحب التوابين الذين يطهرون أنفسهم بطهرة التوبة من كل ذنب ، ويحب المتطهرين من جميع الأقذار والأوزار. الحكم الثامن (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) وإنه جار مجرى البيان والتوضيح لقوله (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) دلالة على أن الغرض الأصلي في الإتيان هو طلب النسل لا قضاء الشهوة فينبغي أن يؤتى المأتي الذي هو مكان الحرث ، وعن جابر رضي