أشرف من اسم الصفة ، ومنهم من قال : إن الاسم الأعظم هو الله وهذا أقرب ، لأنا سنقيم الدلالة على أن هذا الاسم يجري مجرى اسم العلم في حقه سبحانه ، وإذا كان كذلك كان دالا على ذاته المخصوصة ، ويؤيد ذلك ما روت أسماء بنت زيد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) [البقرة : ١٦٣] وفاتحة سورة آل عمران (الم اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [آل عمران : ١ ـ ٢] وعن بريدة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال : «والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي بهن أجاب وإذا سئل به أعطى». ولا شك أن اسم الله في الآية والحديث أصل والصفات مرتبة عليه هذا ، وأما الاسم الدال على المسمى بحسب جزء من أجزائه فمحال في حق الله تعالى ، لأن ذاته تعالى مبرأ عن شائبة التركيب بوجه من الوجوه. وأما الاسم الدال بحسب صفة حقيقية قائمة بذاته المخصوصة ، فتلك الصفة إما أن تكون هي الوجود ، وإما أن تكون كيفية من كيفيات الوجود ، وإما أن تكون صفة أخرى مغايرة للوجود ولكيفيات الوجود ، فهذه ثلاثة أقسام : القسم الأول : الأسماء الدالة على الوجود منها الشيء ويجوز إطلاقه على الله تعالى عند الأكثرين لقوله تعالى (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [الأنعام : ١٩] أي ذاته. وفي الخبر «كان الله ولم يكن شيء غيره» ولأن الشيء عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه وذاته تعالى كذلك. حجة المخالف قوله تعالى (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الرعد : ١٦] فلو كان الله تعالى شيئا لزم أن يكون خالق نفسه. ومثله (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التغابن : ١] قلنا : خص بالدليل العقلي. قالوا : ليس من صفات المدح. قلنا : نعم هو خير من لا شيء ، وإن كان سائر الأشياء مشتركة معه في ذلك كالموجود والكريم والحليم ، فإن كلا منها مدح بالنسبة إلى من لا وجود له ولا كرم ولا حلم ، بل الشيء بالحقيقة هو وباقي الأشياء شيئيتها مستعارة كوجودها ومنها الموجود. وأطبق المسلمون على جواز إطلاقه عليه تعالى وكيف لا؟ ومعنى قول الموحد لا إله إلا الله أي لا إله في الوجود إلا الله. ومنها الذات ولا شك في جواز إطلاقه عليه إذ يصدق على كل حقيقة أنها ذات الصفات أي صاحبة الصفات القائمة بها ، ويؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن إبراهيم لم يكذّب إلا في ثلاث : ثنتين في ذات الله» (١) ـ أي في
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٨. مسلم في كتاب الفضائل حديث ١٥٤. أبو داود في كتاب الطلاق باب ١٦. الترمذي في كتاب تفسير سورة ٢١ باب ٣.