الله عنه : علمني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألف باب من العلم فاستنبطت من كل باب ألف باب. وإذا كان حال الولي هكذا فكيف حال النبي؟ وأما القوة المحركة فكعروج النبي صلىاللهعليهوسلم وعروج عيسى عليهالسلام إلى السماء ، وكرفع إدريس وإلياس على ما ورد في الأخبار. وأما القوة الروحانية العقلية فنقول : إن النفس القدسية النبوية مخالفة بماهيتها لسائر النفوس ، أو كالمخالفة صفاء ونورية وانجذابا إلى عالم الأرواح ، فلا جرم تجري عليها الأنوار الفائضة من المبادئ العالية أتم من سائر النفوس وأكمل ، ولهذا بعثت مكملة للناقصين ومعلمة للجاهلين ومرشدة للطالبين مصطفاة على العالمين من جميع سكان الأرضين عند من يقول الملك أفضل من البشر ، أو من سكان السموات أيضا عند من يرى البشر أفضل المخلوقات. ثم إن القرآن دل على أن أول الأنبياء اصطفاء آدم صفي الله وخليفته. ثم إنه وضع كمال القوة الروحانية في شعبة معينة من أولاد آدم وهم : شيث وأولاده إلى إدريس ، ثم إلى نوح ثم إلى إبراهيم ثم انشعب من إبراهيم صلىاللهعليهوسلم شعبتان : إسماعيل وإسحق. فجعل إسماعيل مبدأ لظهور الروح القدسية لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وجعل إسحق مبدأ لشعبتين يعقوب وعيص. فوضع النبوة في نسل يعقوب ، ووضع الملك في نسل عيص ، واستمر ذلك إلى زمان محمد صلىاللهعليهوسلم. فلما ظهر محمد صلىاللهعليهوسلم نقل نور النبوة ونور الملك إليه صلىاللهعليهوسلم وبقي الدين والملك في أمته صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة ، فالمراد بآل إبراهيم أولاده عليهم الصلاة والسلام وهو المطلوب بقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [البقرة : ١٢٤] بعد قوله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) [البقرة : ١٢٤] وأما آل عمران فقيل : أولاد عمران بن يصهر والدموسي وهارون. وقيل : المراد بعمران والد مريم وهو عمران بن ماثان بدليل قوله عقيبه (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ) [آل عمران : ٣٥] ولا شك أنه عمران بن ماثان جد عيسى من قبل الأم ، ولأن الكلام سيق للنصارى الذين يحتجون على إلهية عيسى عليهالسلام بالخوارق التي ظهرت على يده. فالله تعالى يقول : إن ذلك باصطفاء الله إياه لا لكونه شريكا للإله ولأن هذا اللفظ شديد المطابقة لقوله تعالى : (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ٩١]. (ذُرِّيَّةً) بدل ممن سوى آدم (بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) قيل : أي في التوحيد والإخلاص والطاعة كقوله : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] وذلك لاشتراكهم في النفاق. وقيل : معناه أن غير آدم كانوا متوالدين من آدم. وقيل : يعني أن الآلين ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعب من بعض ، موسى وهارون من عمران ، وعمران من يصهر ، ويصهر من قاهث ، وقاهث من لاوي ، ولاوي من يعقوب ، ويعقوب من إسحق. وكذلك عيسى من مريم ، ومريم بنت عمران بن ماثان. ثم قال في الكشاف : ماثان بن سليمان بن داود بن ايشا بن يهوذا بن يعقوب بن إسحق وفيه نظر ، لأن بين ماثان وسليمان قوما آخرين ، وكذلك بين ايشا ويهوذا. (وَاللهُ