وهلك عمران وهي حامل. قال الحسن : إنما فعلت ذلك بإلهام الله تعالى كما ألهم أم موسى فقذفته في أليم. عن الشعبي : محررا مخلصا للعبادة. وتحرير العبد تخليصه من الرق ، وحررت الكتاب إذا أصلحته وخلص من الغلط ، ورجل حر إذا كان خالصا لنفسه ليس لأحد عليه يد وتصرف. قال الأصم : لم يكن لبني إسرائيل غنيمة ولا سبي ، وكان في دينهم أن الولد إذا صار بحيث يمكن استخدامه كان يجب عليه خدمة الأبوين. فكانوا بالنذر يتركون ذلك النوع عن الانتفاع ويجعلون الأولاد محررين لخدمة المسجد وطاعة الله تعالى ، حتى إذا بلغ الحلم كان مخيرا. فإن أبى المقام وأراد أن يذهب ذهب ، وإن اختار المقام فلا خيار له بعد ذلك. ولم يكن نبي إلا ومن نسله محرر في بيت المقدس ، وما كان هذا التحرير إلا في الغلمان. لأن الجارية يصيبها الحيض والقذر ، ثم إنها نذرت مطلقا إما لبناء الأمر على الفرض والتقدير ، وإما لأنها جعلت النذر وسيلة إلى طلب الولد الذكر. (مُحَرَّراً) حال من «ما». وعن ابن قتيبة : المعنى نذرت لك أن أجعل ما في بطني محررا. فلما وضعتها يعني ما في بطنها لأنها كانت أنثى في علم الله ، أو على تأويل النفس أو النسمة أو الحبلة. والحبل بفتح الباء مصدر بمعنى المحبول ، كما سمي بالحمل ، ثم أدخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه ، ومنه الحديث «نهى عن حبل الحبلة» ومعناه أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة على تقدير أنه يكون أنثى. (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها) حال كونها (أُنْثى) ثم من قرأ (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) على الحكاية فمجموع الكلام إلى آخر الآية من قولها ، ويكون فائدة قولها (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) الاعتذار عن إطلاق النذر الذي تقدم منها ، والخوف من أنها لا تقع الموقع الذي يعتد به والتحزن إلى ربها والتحسر على ما رأت من خيبة رجائها وعكس تقديرها. ثم خافت أن يظن بها أنها قالت ذلك لإعلام الله تعالى فقالت : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) ليس جنس الذكور كجنس الإناث لا سيما في باب السدانة ، فإن تحرير غير الذكور لم يكن جائزا في شرعهم ، والذكر يمكن له الاستمرار على الخدمة دون الأنثى لعوارض النسوان ، ولأن الأنثى لا تقوى على الخدمة لأنها محل التهمة عند الاختلاط. ويحتمل أن تكون عارفة بالله واثقة بأن كل ما صدر عنه فإنه يكون خيرا وصوابا فقالت : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) ولكنك أعرف وأعلم بحال ما وضعت فلعل لك فيه سرا (وَلَيْسَ الذَّكَرُ) الذي طلبت (كَالْأُنْثى) التي وهبت لي لأنك لا تفعل إلا ما فيه حكمة ومصلحة ، فعلى هذا اللام في الذكر وفي الأنثى لمعهود حاضر ذهني لكنها في الذكر لحاضر ذهني تقديرا لدلالة ما في بطني عليه ضمنا ، وفي الأنثى لحاضر ذهني حقيقة لتقدم لفظة أنثى. ومن قرأ (بِما وَضَعَتْ) بسكون التاء للتأنيث فالجملتان أعني