عذاب الحجاب. ثم أخبر عن وجوب زيارة بيت الخليل على الخليل إن استطاع إليه السبيل وذلك بأن وجد شرائط السلوك وإمكانه وآداب السير وأركانه. ومنها الإحرام بالخروج عن الرسوم والعادات ، والتجرد عن الطيبات والمألوفات ، والتطهر عن الأخلاق المذمومات ، والتوجه إلى حضرة فاطر الأرض والسموات بخلوص النيات وصفاء الطويات. ومنها الوقوف بعرفات المعرفة ، والعكوف على عتبة جبل الرحمة بصدق الالتجاء ، وحسن العهد والوفاء. ومنها الطواف بالخروج عن الأطوار البشرية السبعية بالأطواف السبعة حول الكعبة الربوبية. ومنها السعي بين صفا الصفات ومروة الذات. ومنها الحلق بمحو آثار العبودية بموسى الأنوار الإلهية. وقس سائر المناسك على هذا. (وَمَنْ كَفَرَ) بوجدان الحق ولا يتعرض لنفحات الألطاف ، ولا يترقب لجذبات الأعطاف التي توازي عمل الثقلين وهي الاستطاعة في الحقيقة (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ). لا يستكمل هو منهم وإنما يستكملون هم منه. (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) ظاهر الخطاب معهم وباطنه مع علماء السوء الذين يبيعون دينهم بدنياهم ولا يعملون بما يعلمون فيضلون ويضلون ، وما العصمة عن اتباع الهوى إلا منه تعالى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٠٧) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١))
القراآت : (حَقَّ تُقاتِهِ) بالإمالة : علي. (وَلا تَفَرَّقُوا) بتشديد الراء : البزي وابن فليح.