ولد نجيب ومال كثير لليمن في صحبتها. قال صلىاللهعليهوسلم : «الشؤم في المرأة والفرس والدار» (١) وقيل : المعنى إن رغبتم في مفارقتهن فربما جعل الله تعالى في تلك المفارقة لهن خيرا كثيرا بأن تتخلص من زوج سيىء العشرة وتجد زوجا آخر أوفق منه. النوع الرابع من التكليف (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) وذلك أنه لما أذن في مضارتهن إذا أتين بفاحشة بين تحريم الضرار في غير حالة الفاحشة. يروى أن الرجل منهم كان إذا مال إلى التزوج بامرأة أخرى رمى زوجته الأولى بالفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوّج المرأة روي يريدها فنهوا عنه. والقنطار المال العظيم ، وفيه دليل على جواز المغالاة في المهر. روي أن عمر قال على المنبر : ألا لا تغالوا في مهور نسائكم. فقامت امرأة وقالت : يا ابن الخطاب ، الله يعطينا وأنت تمنع وتلت هذه الآية. فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر ورجع عن ذلك. ويحتمل أن يقال : ذكر إيتاء القنطار وارد على سبيل المبالغة والفرض لا الرخصة. وهو في موضع الحال أي وقد آتيتم. ومعنى الإيتاء الالتزام ووقوع العقد عليه سواء أدّى المال إليها أم لا. واعلم أن النشوز إن كان من قبل الزوجة حل أخذ مال الخلع ، وإن كان من قبل الزوج لم يحل إلا أنه يفيد الملك لو خالع ، كما أن البيع وقت النداء منهي عنه ، ثم إنه يفيد الملك. (أَتَأْخُذُونَهُ) استفهام بطريق الإنكار (بُهْتاناً) وهو أن يستقبل الرجل بأمر قبيح يقذفه به وهو بريء منه لأنه يبهت عند ذلك أي يتحير. وفي الحديث «إذا واجهت أخاك بما ليس فيه فقد بهته» (٢) وهو مصدر في موضع الحال أي باهتين وآثمين ، أو على أنه مفعول له مثل : قعدت جبنا. وقيل : بنزع الخافض أي ببهتان. وقيل : بمضمر أي تصيبون بهتانا. وسبب تسيمة هذا الأخذ بهتانا أنه تعالى فرض لها ذلك المهر فمن استردّه فكأنه يقول ليس ذلك بفرض فيكون بهتانا ، أو أنه عند العقد تكفل بتسليم ذلك المهر إليها وأن لا يأخذه منها فإذا أخذه منها صار القول الأوّل بهتانا أي باطلا ، أو كان من عادتهم أنهم إذا أرادوا تطليق الزوجة رموها بفاحشة حتى تفتدي ، فلما كان هذا الأمر واقعا على هذا الوجه في الأغلب سيق الكلام على ذلك. وبالحقيقة أن أخذ هذا المال طعن في
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب ٤٧. مسلم في كتاب السلام حديث ١١٥ ـ ١٢٠. أبو داود في كتاب الطب باب ٢٤. الترمذي في كتاب الأدب باب ٥٨. النسائي في كتاب الخيل باب ٥. ابن ماجه في كتاب النكاح باب ٥٥. الموطأ في كتاب الاستئذان حديث ٢٢. أحمد في مسنده (٢ / ٨ ، ٣٦ ، ١١٥).
(٢) رواه أحمد في مسنده (٢ / ٢٣٠ ، ٢٨٤). مسلم في كتاب البر حديث ٧٠. أبو داود في كتاب الأدب باب ٣٥. الترمذي في كتاب البر باب ٢٣. الدارمي في كتاب الرقاق باب ٦. بلفظ «... وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهّته».