عائشة كانت أحب إليه. وعنه صلىاللهعليهوسلم «من كانت له امرأتان يميل مع أحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل» (١) (وَإِنْ تُصْلِحُوا) ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة (وَتَتَّقُوا) فيما يستقبل (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا) يرزق كل واحد منهما زوجا خيرا من زوجه وعيشا أهنأ من عيشته. والسعة الغنى والمقدرة (وَكانَ اللهُ واسِعاً) من الرزق والفضل والرحمة والعلم وأي كمال يفرض ولهذ أطلق. (حَكِيماً) قال ابن عباس : فيما حكم ووعظ. وقال الكبي : فيما حكم على الزوج من إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان.
ثم قال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وهو كالتفسير لسعة ملكه وملكه. وفيه أن الذي أمر به من العدل والإحسان إلى اليتامى والنسوان ليس لعجز أو افتقار وإنما يعود فائدة ذلك إلى المكلف لأنه الأحسن له في دنياه وعقباه. ثم بين أن الأمر بتقوى الله شريعة قديمة لم يلحقها نسخ وتبديل ، وإن استغناءه تعالى بالنسبة إلى الأمم السالفة كهو بالنسبة إلى الأمم الآتية فقال : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي جنسه ليشمل التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الصحف. وقوله : (مِنْ قَبْلِكُمْ) إما أن يتعلق ب (وَصَّيْنَا) أو ب (أُوتُوا) وقوله : (وَإِيَّاكُمْ) عطف على (الَّذِينَ) ومعنى (أَنِ اتَّقُوا) بأن اتقوا وتكون «أن» المفسرة لأن التوصية في معنى القول. (وَإِنْ تَكْفُرُوا) عطف على (اتَّقُوا) أي أمرناهم وأمرناكم بالتقوى. وقلنا لهم ولكم إن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض وهو خالقهم ومالكهم والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها فحقه أن يكون مطاعا في خلقه غير معصى يخشون عقابه ويرجون ثوابه. أو قلنا لهم ولكم : إن تكفروا فإن لله في سمواته وأرضه من الملائكة وغيرهم من يوحده ويعبده ويتقيه. (وَكانَ اللهُ) مع ذلك (غَنِيًّا) عن خلقه وعن عباداتهم (حَمِيداً) في ذاته وإن لم يحمده واحد منهم. ثم كرر قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) تقريرا لأنه أهل أن يتقى وتوكيدا لاستغنائه عن طاعات المطيعين وسيئات المذنبين. ثم بالغ في هذا المعنى بقوله : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يعدمكم أيها الناس (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) يوجد خلقا آخرين غير الإنس أو من جنس الإنس (وَكانَ اللهُ) على ذلك الإعدام ثم الإيجاد (قَدِيراً) بليغ القدرة لم يزل موصوفا بذلك ولن يزال كذلك. وفي الآية من التخويف والغضب ما لا يخفى. وقيل : الخطاب لأعداء النبي صلىاللهعليهوسلم من العرب والمراد بآخرين ناس يوالونه. يروى أنها لما نزلت ضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب النكاح باب ٣٨. الترمذي في كتاب النكاح باب ٤٢. الدارمي في كتاب النكاح باب ٢٤.