المستدير الموضوع في المفصل شيء خفي لا يعرفه إلّا أهل العلم بتشريح الأبدان ، والعظمان الناتئان في طرفي الساق محسوسان لكل أحد ومناط التكليف ليس إلّا أمرا ظاهرا ويؤيده ما روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «ألصقوا الكعاب بالكعاب». السادسة والثلاثون : الجمهور على جواز مسح الخفين خلافا للشيعة والخوارج. حجة الجمهور الأحاديث ، وحجة الشيعة الآية ، وأن جواز المسح على الخفين حاجة عامة فلو كانت ثابتة لبلغت مبلغ التواتر. السابعة والثلاثون : رجل مقطوع اليدين والرجلين سقط عنه هذان الفرضان وبقي عليه غسل الوجه ومسح الرأس ، فإن لم يكن معه من يوضئه أو ييممه سقط عنه ذلك أيضا لأن قوله : (فَاغْسِلُوا وَامْسَحُوا) مشروط بالقدرة عليه فإذا فاتت القدرة سقط التكليف. الثامنة والثلاثون : قوله سبحانه : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) الأصل «تطهروا» أدغم التاء في الطاء فاجتلبت همزة الوصل. وللجنابة سببان : نزول المني لقوله صلىاللهعليهوسلم : «الماء من الماء» (١) والثاني التقاء الختانين خلافا لزيد بن ثابت ومعاذ وأبي سعيد الخدري لما روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا التقى الختانان وجب الغسل» (٢) وختان الرجل هو الموضع الذي يقطع منه جلدة القلفة ، وأما ختان المرأة فإن شفريها يحيطان بثلاثة أشياء : ثقبة في أسفل الفرج وهي مدخل الذكر ومخرج الحيض والولد ، وثقبة أخرى فوق هذه مثل إحليل الذكر وهي مخرج البول لا غير ، والثالث جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك فوق ثقبة البول ، وقطع هذه الجلدة هو ختانها فإذا غابت الحشفة حاذى ختانه ختانها. التاسعة والثلاثون : لا يجوز للجنب مس المصحف خلافا لداود. لنا قوله : (فَاطَّهَّرُوا) يدل على أن الطهارة غير حاصلة وإلّا لكان أمرا بتطهير الطاهر وحينئذ لا يجوز له مس المصحف لقوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة : ٧٩] ولإطلاق قوله : (فَاطَّهَّرُوا) علم أنه أمر بتحصيل الطهارة في كل البدن وإلّا خصت تلك الأعضاء بالذكر كما في الطهارة الصغرى ، وعلم أنه لا يجب تقديم الوضوء على الغسل خلافا لأبي ثور وداود ، وعلم أن الترتيب غير واجب خلافا إسحق فإنه أوجب البداءة بأعلى البدن ، وعلم أن الدلك غير واجب خلافا لمالك.
__________________
(١) رواه مسلم في كتاب الحيض حديث ٨١. أبو داود في كتاب الطهارة باب ٨٣. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٨١. النسائي في كتاب الطهارة باب ١٣١. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ١١٠. الدارمي في كتاب الوضوء باب ٧٤. أحمد في مسنده (٣ / ٢٩) ، (٥ / ١١٥).
(٢) رواه مسلم في كتاب الحيض حديث ٨٨. البخاري في كتاب الغسل باب ٢٨. أبو داود في كتاب الطهارة باب ٨٣. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٨٠. النسائي في كتاب الطهارة باب ١٢٨. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ١١١ ، الدارمي في كتاب الوضوء باب ٧٥. الموطأ في كتاب الطهارة حديث ٧١ ـ ٧٣. أحمد في مسنده. (٢ / ١٧٨) ، (٥ / ١١٥).