وجهه لما روي أنه صلىاللهعليهوسلم دفع الراية إلى علي يوم خيبر وكان قد قال : لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ولأن ما بعد هذه الآية نازلة فيه باتفاق أكثر المفسرين. قال الإمام فخر الدين الرازي : هذه الآية من أدل الدلائل على فساد مذهب الإمامية لأن الذين اتفقوا على إمامة أبي بكر ، لو كانوا أنكروا نصا جليا على إمامة علي رضياللهعنه لكان كلهم مرتدين ثم لجاء الله بقوم تحاربهم وتردهم إلى الحق. ولما لم يكن الأمر كذلك بل الأمر بالضد فإن فرقة الشيعة مقهورون أبدا حصل الجزم بعدم النص. ولناصر مذهب الشيعة أن يقول : ما يدريك أنه تعالى لا يجيء بقوم تحاربهم ، ولعل المراد بخروج المهدي هو ذلك فإن محاربة من دان بدين الأوائل هي محاربة الأوائل وهذا إنما ذكرته بطريق المنع لا لأجل العصبية والميل فإن اعتقاد ارتداد الصحابة الكرام أمر فظيع والله أعلم. ثم إنه سبحانه لما نهى في الآي المتقدمة عن موالاة الكفار أمر بعد ذلك بموالاة من يحق موالاته فقال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ) ولم يقل أولياؤكم ليعلم أن ولاية الله أصل والباقي تبع (اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) وفيه قولان : الأول أن المراد عامة المؤمنين لأنّ الآية نزلت على وفق ما مر من قصة عبادة بن الصامت. وروي أيضا أن عبد الله بن سلام قال : يا رسول الله إن قومنا قد هجرونا وأقسموا أن لا يجالسونا ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل فنزلت هذه الآية. فقالوا : رضينا بالله تعالى وبرسوله وبالمؤمنين أولياء. ثم قال : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) ومحله رفع على البدل أو على هم الذين يقيمون ، أو نصب بمعنى أخص أو أعني وفي الكل مدح والغرض تميز المؤمن المخلص عمن يدعي الإيمان نفاقا. ومعنى (وَهُمْ راكِعُونَ) قال أبو مسلم : أي منقادون خاضعون لأوامر الله تعالى ونواهيه. وقيل : المراد ومن شأنهم إقامة الصلاة وخص الركوع بالذكر لشرفه. وقيل : إنّ الصحابة كانوا عند نزول الآية مختلفين في هذه الصفات منهم من قد أتم الصلاة ومنهم من دفع المال إلى الفقير ومنهم من كان بعد الصلاة راكعا فنزلت الآية على وفق أحوالهم. القول الثاني أن المراد شخص معين وجيء به على لفظ الجمع ليرغب الناس في مثل فعله. ثم إن ذلك الشخص من هو؟ روى عكرمة أنه أبو بكر وروى عطاء عن ابن عباس أنه علي عليهالسلام. روي أن عبد الله بن سلام قال : لما نزلت هذه الآية قلت : يا رسول الله أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه على محتاج وهو راكع فنحن نتولاه. وروي عن أبي ذر أنه قال : صليت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم أشهد أني سألت في مسجد الرسول فما أعطاني أحد شيئا وعليّ عليهالسلام كان راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم ، فأقبل السائل حتى أخذ