بيمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني. وقيل : هم البكاءون سبعة نفر من الأنصار معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبد الله بن كعب وعلبة بن زيد وسالم بن عمير وثعلبة بن عنمة وعبد الله بن مغفل ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا نبي الله إن الله عزوجل قد ندبنا للخروج معك فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزو معك. فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فولوا وهم يبكون. وقوله (تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) كقولك تفيض دمعا وهو أبلغ من يفيض دمعها لأن العين جعلت كلها فائضة. و «من» للبيان والجار والمجرور في محل النصب على التمييز. (حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا) أي على أن لا يجدوا. (إِنَّمَا السَّبِيلُ) أي سبيل الخطاب والعتاب في أمر الغزو والجهاد (عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) في التخلف وهم أغنياء. ثم قال على سبيل الاستئناف (رَضُوا) كأنه قيل ما لهم استأذنوا وهم قادرون على الاستعداد؟ فقيل : رضوا بالدناءة والانتظام في جملة الخوالف ومن جملة أسباب الاستئذان أن طبع الله تعالى على قلوبهم. قال أهل العلم : لما قال في الآية الأولى و (إِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) [التوبة : ٨٦] قال هناك (وَطُبِعَ) [التوبة : ٨٧] ليكون المجهول مبنيا على المجهول بخلافه في هذه الآية. ثم إن العلم فوق الفقه فكان أنسب بالمقام الذي جرى فيه ذكر الله. أما قوله (قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) فإنه علة المنع من الاعتذار لأن غرض المعتذر أن يصير عذره مقبولا فإذا علم بأن القوم يكذبونه وجب عليه تركه. وقوله (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ) علة لانتفاء التصديق. (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) يعني رؤية وقوع أي سيقع أنكم هل تبقون على الحالة التي تظهرونها أم لا. وفي قوله (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ) تخويف شديد وفيه أنه مطلع على بواطنهم الخبيثة وضمائرهم المملوءة من النفاق والكذب. وإنما لم يقل في هذه الآية و «المؤمنون» كما في الآية التي تجيء ، لأن هذه في المنافقين ولا يطلع على ما في باطنهم إلا الله ثم رسوله باطلاع الله إياه أو بنور نبوته كما قال (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) والآية الأخرى في المؤمنين وعباداتهم ظاهرة للكل. وختم آية المنافقين بقوله (ثُمَّ تُرَدُّونَ) لأنه وعيد فقطعه عن الأول بخلاف آية المؤمنين حيث وصلها بالواو لأنه وعد من الله. ثم ذكر أن منافقي الأعراب سيؤكدون أعذارهم بالأيمان الكاذبة مثل ما حكى تعالى عن منافقي المدينة فقال : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) أي لأجلكم (إِذَا انْقَلَبْتُمْ) أي رجعتم (إِلَيْهِمْ) ولم يذكر المحلوف عليه. والظاهر أنهم حلفوا على أنهم ما قدروا على الخروج ولكن بين غرضهم من الحلف فقال (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) أرادوا الصفح والعفو فأمر الله المؤمنين بإعطاء طلبتهم ولكن على سبيل المقت لا الصفح ولهذا قال ابن عباس : أراد ترك الكلام