ولقد رأيت من المناسب أن أبدأ تلك الفهارس العشرين بفهرس الألفاظ الغريبة المشروحة متبعا تعاقب أرقامها في هذه المطبوعة ، ولقد نافت هذه الألفاظ على خمسة آلاف ، وها هوذا آخر لفظ فيها يحمل الرقم ٥٠٣١ ، وها هي ذي بمجموعتها تشبه معجما صغيرا يفي بشرح طائفة غير يسيرة من الكلمات الحية الجارية على ألسنة الفصحاء.
واقتصرت في هذا الفهرس الأول على الحد الضروري من الإيضاح والتبيان ، وبتأخيري إياه حتى انتهى تحقيق النص أعنت كلا من الطالب والدارس على أن يحاول من تلقاء نفسه أن يفهم معنى كل عبارة من السياق الذي وردت فيه. وإنما يرجع إلى هذا الفهرس حين يضل الطريق أو يخطئ الاستنتاج ، وإذا بشر حنا الموجز ينفذه من حيرته ، ويصحح له ما عسى أن يقع فيه من الأغاليط.
ومن يقارن بين شرحنا لمعاني الألفاظ الغريبة وشرح الشيخ محمد عبده يخيل إليه أن قدرا كبيرا منها متماثل أو متشابه إلى حد بعيد. والسر في هذا أن كلا منا عول على شرح ابن أبي الحديد في مواضع كثيرة ، وكان لزاما علينا أن نعول عليه لأنه أفضل الشروح. فحيثما تجد تشابها في عبارتينا فإنما مرده إلى اقتباسنا كلينا ما لم يكن بد من استحسانه من أقوال ابن أبي الحديد ، وحيثما تقع على تباين في الشرح ، أو إسهاب هنا وإيجاز هناك ، فمرده ما استقل كل منا بفهمه وتحديده ، أو إطلاقه وتقييده. مما عاد إليه أحدنا بنفسه ينقب عنه في بطون المعجمات ، ويلتمس الشواهد عليه من لسان العرب.
ولا يسعني هنا أن أكتم حقيقة بنت منها على يقين ، سبقني إلى التنبيه عليها منذ أكثر من خمسين عاما محيي الدين الخياط يوم طبع في بيروت «نهج البلاغة» ومعه شرح الأستاذ الإمام ، وزيادات اقتبسها الخياط من شرح ابن أبي الحديد ، لقد لا حظ هذا الناس الفاضل أن بعض تفسير الشيخ عبده «يكاد يكون منقولا بحرفيته عن شرح ابن أبي الحديد مع أن الشارح قال في مقدمته ـ وهو صادق فيما يقول ـ إن لم يتيسر له رؤية شرح من شروح نهج البلاغة ، على أن من يتصفح بقية الشرح ويتصفح شرح ابن أبي الحديد يتراءى له أن أحدهما منقولعن الآخر.
وما عزاه الخياط إلى محمد عبده من حرفية في نقل عبارات ابن أبي الحديد أمر صحيح لا