على تلك الهنات والأغاليط فيما أسس على شرح الإمام من طبعات ، وإنما اكتفينا بذكر ما بدا لنا أصح الوجوه بعد مراجعتنا أوثق المصادر ، ولا مناص لنا هنا من سرد بعض هاتيك الأوهام على سبيل المثال.
يقول على عليهالسلام : «وأنا من رسول الله كالضوء من الضوء» مشبها نفسه ـ كما يوضح ابن أبي الحديد ـ بالضوء الثاني ، ومشبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالضوء الأول ومنبع الأصواء عز وجل بالشمس التي توجب الضوء الأول ، فتصبح العبارة بعد التصحيف «كالصنو من الصنو» ويمسي معناها : الصنوان النخلتان يجمعهما أصل واحد ، فإنما علي من جرثومة الرسول» (١). ولو أن محمد عبده قرأ شرح ابن أبي الحديد لهذه العبارة لأخذ به إن اقتنع ، أو لأشار إليه إن لم يقتنع ، لكنه لم يشر إليه قط ، ولعل لم يقع عليه.
ويقول على كرم الله وجهه في صفة قوم : «فتألّوا على الله» والمراد أنهم حلفوا ، من الألية وهي اليمين ، وإذا العبارة عند الأستاذ الإمام «فتأولوا على الله» غير واضحة المعنى ولا بينة المدلول (٢). والمرأة عقرب حلوة اللسبة (أي اللسعة) باتت حلوة اللبسة (أي حالة من حالات اللبس) (٣) ، والرجل لم تظهر منه حوية (وهي الإثم) صار «لم تظهر منه خزية» تصحيفا (٤) ، والرجل لا يؤمن على جباية (أي تحصيل أموال الخراج وغيرها) بات بعد التصحيف «لا يؤمن على خيانة» (٥) مع أنه في الحاشية يقرر أن رواية «الجباية» أظهر معنى!
بهذه الملاحظة الأخيرة نشير إلى إثبات الشيخ عبده في المتن ما يستحسن في الحاشية سواه نصا وشرحا : ومن ذلك أن يثبت في المتن : «وبنا انفجرتم عن السرار» ويشرحها في الحاشية ثم يقول : «ويروى أفجرتم ، بدل انفجرتم» وهو أفصح وأوضح ، لأن «انفعل» لا يأتي لغير المطاوعة إلا نادرا ، أما أفعل فيأتي لصيرورة الشيء إلى حال لم يكن عليها ... الخ» وما أدري لماذا أهمل الأفصح والأوضح ، وأثبت في المتن ما كان في نظره غير فصيح! (٦)
______________________
(١) طبعة عبد الحميد ٣ ـ ٨١ وطبعة سيد الأهل ص ٥٠٨ س ١.
(٢) طبعة عبد الحميد ٣ ـ ٨٧ س ٧ وهي في طبعة سيد الأهل ص ٥١٣ س ١.
(٣) طبعة عبد الحميد ٣ ـ ١٦٤ س ١. وهي في طبعة سيد الأهل ص ٥٧٦ س ٣.
(٤) طبعة عبد الحميد ٣ ـ ١٧٧ س ٩. وهي في طبعة سيد الأهل ص ٥٨٦ س ١١.
(٥) طبعة عبد الحميد ٣ ـ وهي في طبعة سيد الأهل ص ٥٦٠ س ١.
(٦) طبعة عبد الحميد ٣ ـ ٣٣ س ٨. وهي في طبعة سيد الأهل ص ٤٥ س ١٤.