ومن ذلك أيضا أنه ذكر في المتن «يذري الروايات إذراء الريح الهشيم» ، ويشرحها في الحاشية ثم يقول : «ويروى : يذرو الروايات كما تذرو الريح الهيثم ، وهي أفصح ،» قال الله تعالى : «فأصبح هشيما تذروه الرياح» (١) ونحن نتساءل مرة أخرى : ما الحكمة في إغفاله ما يعرفه فصيحا بل أفصح الفصيح؟
وأدهى من ذلك وأمر أن الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل ـ في طبعة المبنية على شرح الأستاذ الإمام ـ يبلغ به التساهل مبلغا لا يحسد عليه ، فهو يختار في المتن عبارة ويشرح غيرها في الحاشية ، فما يدري أحد بأي مقياس ثم له الاختيار : ها هو ذا يثبت في المتين «وضرب على قلبه بالإسهاب» ويعلق في الحاشية بقوله (٢) : «الأسداد جمع سد ، يريد الحجب التي تحول دون بصيرته والرشاد ، قال الله تعالى «وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون» ثم يقول : ويروى «الإسهاب» وهو ذهاب العقل أو كثرة الكلام!!!
ويطول بنا الحديث لو ذهبنا نتقصى ما وهم فيه سيد الأهل في طبعته ، سواء أكان سببه محاكاته غالبا وجده في شرح الإمام محمد عبده ، أم تصحيفا لم ينتبه إليه ، أم غلطا وقع فيه.
إنه ليثبت ويشرح «النباتات البدوية» (٣) ، وإنما هي (النابتات العذية) أي التي تنبت عذيا ، والعذي ـ بسكون الذال ـ الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر. ويجعل «منافثة» الحكماء ـ بالثاء ـ «مناقشة» بينهم ، بالشين (٤) ، ويصير «الخنوع» بالنون «الخشوع» (٥) بالشين ، وينسى التعبير القرآني «يلبسون الحق بالباطل» أي يخلطون أحدهما بالآخر ، ليضع مكانه «يلتسمون» (٦) ، وبيني للمجهول «نسلت القرون» (٧) والفصيح ف؟؟ «نسلت» بالبناء للمعلوم ، ويشدد اللام في «يثل» من قول الإمام «ولا يثل من عاداه» (٨)
______________________
(١) انظر طبعة سيد الأهل ص ٦١ س وقارن بطبعة عبد الحميد ١ ـ ٤٩ س ٤.
(٢) انظر سيد الأهل ص ٧٥ س ١١ والحاشية ٥.
(٣) طبعة سيد الأهل ص ٥٠٧ س ١٢ وقارنه بطبعة عبد الحميد ٢ ـ ٨١ س ٨.
(٤) طبعة سيد الأهل ص ٥٢٢ س ٩. وقارنه بطبعة عبد الحميد ٢ ـ ٩٩ س ٧.
(٥) طبعة سيد الأهل ص ٣٠ س ٢ وقارن بطبعة عبد الحميد ١ ـ ١٥ س ٥.
(٦) طبعة سيد الأهل ٤٩١ س ٨. وقارنه بطبعة عبد الحميد ٢ ـ ٦٥ س ٦.
(٧) طبعة سيد الأهل ٢٢ س ٦ وقارنه بطبعة عبد الحميد ١ ـ ١٨ س ٥.
(٨) طبعة سيد الأهل ٣٥ س ١٢. والغريب هنا أن طبعة عبد الحميد ١ ـ ٢٢ س ٣ من غير تشديد.