ولئن أشبه «الكاشف» الذي وضعه الخراساني «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي» الذي أشرف عليه المستشرق فنسك ـ إذا كل منهما عمل لفظي بحث ـ فإن فهرسنا هذا للموضوعات يشبه ـ والقياس مع الفارق طبعا ـ «تفصيل آيات القرآن» الذي وضعه المستشرق جول لابوم ونقله من الفرنسية محمد فواد عبد الباقي. وعملنا هذا ـ وإن تعلق بنهج البلاغة لا بكتاب الله ـ سوف يبدو للباحثين أكثر موضوعية ، وأيسر استعمالا ، وسوف يتيح للباحثين أن يجدوا في «النهج» ما يصبون إليه براحة واطمئنان ، ولا سيما إذا ضمت إليه الفهارس الباقية التي تفصل ما أطلق ، وتخصص ما عم ، وتجعل الانتفاع بالكتاب أمرا شائعا على جميع المستويات.
وفي الفهرس التاليين بعد ذلك سوف يزداد القارئ أو الناقد أو الباحث شعورا بالراحة والاطمئنان ، فأحدهما ـ وهو الفهرس الثالث ـ يتعلق بخطب الإمام ، والآخر ـ الرابع ـ يتعلق برسائله وكتبه ، وبدلا من أن نكتفي بذكر الصفحات التي استهلت بها كل خطبة أو رسالة ، رتبناها جميعا بحسب الموضوعات والأغراض. فمن خطب في التعليم والإرشاد ، إلى أخرى في النقد والتعريض ، أو في العتاب والتقريع ، أو ي الشكوى ، أو في الحث على القتال ، أو الوصف ، أو بدء الخلق ، أو التزهيد في الدنيا. وقد اصطلحنا حينئذ على أن نذكر رقم الخطبة ورقم الصفحة التي استهلت وختمت بها مع بيان أول عبارة وآخر عبارة فيها. وكذلك فعلنا في الرسائل ، فمن رسائل في التعليم والإرشاد ، إلى أخرى في النقد ، أو في الحرب ، أو السياسة ، أو القضاء ، وسواها من الموضوعات. وإذا ذكرنا أن معظم «النهج» خطب ورسائل ، ومعها الأجوبة المسكتة بعد ذاك ، وهي قليلة ، أدركنا أهمية الفهرس المعقود للخطب وأنواعها ، ثم للرسائل وأنواعها ، وأحلنا دارس الخطابة أو نثر الرسائل في صدر الإسلام على نهج واضح مستقيم.
وفي خطب علي خاصة فريدة لا تكاد تفارقها ، وهي كثرة اقتباسه من القرآن المجيد والحديث الشريف. لذلك خصصنا الفهرس الخامس للآيات القرآنية ، والسادس للأحاديث النبوية ، لإبراز الثقافة الإسلامية التي كان الإمام عليهالسلام يمثلها خير التمثيل ، فقد رأى نور الوحي ، وربي في بيت النبوة ، ووعت ذاكرته القوية كثيرا من ألفاظ القرآن والسنة ، حتى انطبع أسلوبه بطابع عجيب يعلو على أساليب البلغاء من البشر في القديم والحديث.