ويشترط في الظرف النائب أن يكون متصرفا ملفوظا به ، وقد أجاز بعضهم في غير المتصرف نحو : قعد عندك ، وليس بوجه ، وأجاز بعضهم في غير الملفوظ به مع القرينة ، نحو : أنت في دار ضرب ، أي ضرب فيها.
وقوله تعالى : (كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً)(١) : عنه مرفوع المحل ، بمسئولا المقدر المفسّر بمسئولا الظاهر ، كما في قوله تعالى ، (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(٢) ، لكن ليس في «مسئولا» المفسّر ضمير كما كان في : استجارك المفسر ، وذلك لأصالة الفعل في رفع المسند إليه ، فلا يجوز خلوه منه ، بخلاف اسمي الفاعل والمفعول.
والأكثرون على أنه إذا فقد المفعول به تساوت البواقي ، في النيابة ولم يفضل بعضها بعضا ؛ ورجّح بعضهم الجار والمجرور منها ، لأنه مفعول به لكن بواسطة حرف ، ورجّح بعضهم الظرفين (٣) والمصدر لأنها مفاعيل بلا واسطة ، وبعضهم المفعول المطلق لأن دلالة الفعل عليه أكثر.
والأولى أن يقال : كل ما كان أدخل في عناية المتكلم واهتمامه بذكره وتخصيص الفعل به فهو أولى بالنيابة ، وذلك إذن (٤) اختياره.
قوله : «من باب أعطيت» أي مما له مفعولان أولهما ليس بمبتدأ ، وإنما كان أولى ، لأن فيه معنى الفاعلية ، دون الثاني ، ففي أعطيت زيدا درهما ، زيد عاط ، أي آخذ ، والدرهم معطوّ ، وفي كسوت عمرا جبّة : عمرو مكتس ، والجبة مكتساة ، وكذا في غيره.
__________________
(١) الآية ٣٦ من سورة الاسراء.
(٢) الآية ٦ من سورة التوبة وتقدمت.
(٣) أي ظرف الزمان وظرف المكان.
(٤) إذن بكسر الهمزة وسكون الذال أي أنه في هذه الحالة يكون الاهتمام بذكره وعناية المتكلم به مرجحا لاختياره وعلامة على جعله نائبا عن الفاعل.