عند الجمهور من النحاة يخرج ما لولاه لوجب دخوله تحت المستثنى منه ، وهذا الاستغراق مفيد للكثرة فيناقض الوحدة.
والثاني : ماهية الجنس من غير دلالة اللفظ على القلة ولا الكثرة ، بل ذاك احتمال عقلي ، كما في قوله تعالى : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ)(١) ، ولم يكن هناك ذئب معهود ، ولم يرد استغراق الجنس أيضا.
ومثله قولك : ادخل السوق ، واشتر اللحم ، وكل الخبز ؛ فهذا النوع من الجنس لا يناقض الوحدة ، إذ لا دلالة فيه على الكثرة.
والمقصود في هذا الموضع هو الثاني ، أي ماهية الجنس من حيث هي هي ، لأن الحدّ إنما يذكر لبيان ماهية الشيء ، لا لبيان استغراقه.
إن قيل : لم لم يقل «لفظة» ليوافق الخبر المبتدأ في التأنيث؟
فالجواب أنه لا يجب توافقهما فيه إلا إذا كان الخبر صفة مشتقة غير سببية ، نحو : هند حسنة ، أو في حكمها ، كالمنسوب ؛ أما في الجوامد فيجوز (٢) ، نحو : هذه الدار مكان طيّب ، وزيد نسمة عجيبة.
وقوله «لفظ» ههنا ، وإن كان بمعنى الصفة ، أي ملفوظ بها ، كما ذكرنا ، إلا أن أصله مصدر ، ويعتبر الأصل في مثله ، نحو : امرأة صوم ورجلان صوم ، ورجال صوم ، فلا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع.
فإن قيل : كان ينبغي أن يقول «لفظة» ليخرج عنه الكلمتان ، إذ هما لفظتان ، وكذا الكلمات.
قلت : لا يخرج مثل ذلك بتاء الوحدة ، لأن مثل قولك : قالا ، وقالوا ؛ كارطى ،
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة يوسف.
(٢) أي يجوز أن يختلف المبتدأ والخبر في ذلك.