وهو قريب من وجه ، وذلك أن الظاهر منها أنها «لو» التي تفيد امتناع الأول لامتناع الثاني ، كما يجيء في حروف الشرط. دخلت على «لا» وكانت لازمة للفعل لكونها حرف شرط فتبقى مع دخولها على «لا» على ذلك الاقتضاء ، ومعناها مع «لا» أيضا ، باق على ما كان ، كما بقي مع غير «لا» من حروف النفي ، فمعنى لو لا على لهلك عمر ، لو لم يوجد عليّ لهلك عمر ، ينتفي الأول ، أي انتفى انتفاء وجود على لانتفاء هلاك عمر ، وانتفاء الانتفاء ثبوت ، فمن ثمّ ، كان «لو لا» مفيدة ثبوت الأول وانتفاء الثاني ، كإفادة «لو» في قولك : لو لم تأتني شتمتك ، كما مرّ في بيان قوله :
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ولم أطلب قليل من المال (١) ـ ٤٩ |
لكن منع البصريين من هذا التقدير ، وحملهم على أن قالوا «لو لا» كلمة بنفسها ، وليست «لو» الداخلة على «لا» أن الفعل بعد «لو» إذا أضمر وجوبا ، فلا بد من الإتيان بمفسّر كما مرّ في باب الفاعل ، وليس بعد «لو لا» مفسّر ، وأيضا ، لفظ «لا» ، لا يدخل على الماضي في غير الدعاء وجواب القسم إلا مكررا في الأغلب ، كما يجيء في قسم الحروف ، ولا تكرير بعد «لو لا» ، فقال البصريون : الاسم المرفوع بعده مبتدأ ، ولا يجوز أن يكون جواب لو لا خبره ، كما مرّ في : أما زيد فقائم ، لكونه جملة خالية عن العائد إلى المبتدأ في الأغلب ، كما في : لو لا على لهلك عمر ، فخبره محذوف وجوبا لحصول شرطي وجوب الحذف ، أحدهما القرينة الدالة على الخبر المعيّن ، وهي لفظة «لو لا» (٢) إذ هي موضوعة لتدل على انتفاء الملزوم ، فلولا ، دالة على أن الخبر الذي بعدها «موجود» ، لا قائم ، ولا قاعد ، ولا غير ذلك من أنواع الخبر ، والثاني : اللفظ السادّ مسدّ الخبر وهو جواب لو لا.
وربما دخلت «لو لا» هذه على الفعلية ، قال :
__________________
(١) تقدم هذا الشاهد في باب التنازع من هذا الجزء.
(٢) القرينة بحسب ما فسر الشارح هى لو. فقط وليست لو لا كلها ، فيكون المعنى أن لو دلت على انتفاء الملزوم ... ثم يأتي بعد ذلك قوله : فلولا دالة على أن الخبر هو لفظ موجود ، لأنه بعد نفي انتفاء الملزوم يأتي الوجود.