والذي يظهر لي أن تقديره بنحو : ضربي زيدا يلابسه قائما إذا أردت الحال عن المفعول في المعنى ، وضربي زيد ، يلابسه قائما إذا كان عن الفاعل في المعنى ، أولى.
ثم نقول : حذف المفعول الذي هو ذو الحال ، فبقي : ضربي زيدا يلابس قائما. ويجوز حذف ذي الحال ، على ما أورد (١) ، مع قيام القرينة ، تقول : الذي ضربت قائما زيد ، أي ضربته ، ثم حذف يلابس ، الذي هو خبر المبتدأ والعامل في الحال ، وقام الحال مقامه ، كما تقول : راشدا مهديّا ، أي سر راشدا مهديا ، فنكون على هذا مستريحين من حذف «إذا» مع شرطه الذي هو العامل ، ولم يثبت مثله في كلامهم ، ولا نحتاج إلى الاستدلال على أن «كان» تامة لا ناقصة.
وعلى مذهب من جوّز أن يعمل في الحال غير العامل في صاحبها ، يجوز أن يكون التقدير : ضربي زيدا حاصل قائما فيكون العامل «حاصل» ، وذو الحال معمول ضربي ، (وفيه تكلفات كثيرة) (٢) من حذف «إذا» مع الجملة المضاف إليها ، ولم يثبت في غير هذا المكان ، ومن العدول عن ظاهر معنى «كان» الناقصة إلى معنى التامة ، وذلك لأن معنى قولهم حاصل إذا كان قائما ظاهر في معنى الناقصة ، ومن قيام الحال مقام الظرف ، ولا نظير له.
والذي أوقعهم في هذا ، وأوقع غيرهم فيما لزمهم : التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها ، بلا دليل دلهم عليه ولا ضرورة ألجأتهم إليه ،.
والحق أنه يجوز اختلاف العاملين على ما ذهب اليه المالكي (٣).
__________________
(١) أي على ما سيورده الشارح ويذكره في باب الحال ان شاء الله. هذا ما ظهر والله أعلم.
(٢) يبدو أن هذا الكلام وما بعده حقه أن يكون بعد قوله سابقا وفيه تكلفات كثيرة. وينتهي عند قوله : والحق أنه يجوز اختلاف العاملين ... على ما ذهب إليه المالكي ثم يأتي بعد ذلك قوله وعلى مذهب من جوّز أن يعمل في الحال الخ ثم يرتبط به قوله بعد كلمة المالكي ... فنقول تقديره ... الخ ولعل الأمر بعد ذلك يكون واضحا ان شاء الله.
(٣) أي ابن مالك صاحب الألفية كما رجحنا عند ذكره أول مرة ص ٢٠٧ من هذا الجزء.