وعلى ما أجاز ، لا يمتنع نحو : يا زيد وعمرو بالرفع حملا على اللفظ ، وكذا أجاز : يا عبد الله وزيدا بالنصب ، وكل ذلك بناء على أنه قد يجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع وكذا البدل ، ساد مسدّ المتبوع وجائز قيامه مقامه ، فجاز أن يكون في اللفظ كالنداء المستأنف.
والذي أرى ، أن عطف البيان هو البدل كما يجيء في التوابع ، فيطرد فيه حكم البدل نحو : يا عالم زيد ، ويا ذا المال بكر ، بالضم فيهما ؛ ويجوز في البدل ألّا يجعل كالمستقل فيقال : يا عالم زيد بالرفع كما يجيء في التوابع.
فإن قيل : فإذا كان البدل والمعطوف المجرد عن اللام في حكم ما باشره الحرف المباشر لمتبوعهما ، فليجز : لا رجل غلام لعمرو في البدل ، ولا غلام وجارية في العطف.
قلت : لم يطرد ذلك فيه ، إما لأن بناء اسم «لا» للتركيب على ما قيل ولا تركيب مع كون أحد جزأي المركب مقدرا ؛ وإما لأن عمل «لا» ضعيف لضعف مشابهتها لإنّ ، كما يجيء في بابها ، ألا ترى إلى انعزالها عن العمل بالفصل بينها وبين معمولها ، نحو : (لا فِيها غَوْلٌ)(١) وإلى جواز انعزالها بتكرر اسمها ، فإذا ضعفت عن التأثير مع ظهورها فكيف تؤثر مع تقديرها ، بخلاف «يا» ؛ على أنه قد جاء : لا غلام وجارية بالفتح في المعطوف.
وأما الضرب الثاني من التوابع ، أعني النعت والتأكيد وعطف البيان ، عند النحاة ، وعطف النسق ذا اللام ، فنقول : إن كانت تابعة للمنادى المعرب تبعته إعرابا ، معارف كانت أو نكرات ، إذ لا محل لمتبوعها.
وقال الأخفش في عطف النسق ذي اللام التابع للمعرب : إنه يجوز فيه الرفع أيضا ، نحو : يا رجلا والحارث ، ويا عبد الله والحارث ، وذلك لقوة حكم كونه في حكم المستأنف
__________________
(١) الآية ٤٧ من سورة الصافات.