أما الضم في الأول فواضح ، لأنه منادى مفرد معرفة ، والثاني عطف بيان وهو البدل على ما يأتي في بابه.
وأما نصب الأول ، فقال سيبويه : إن «تيم» الثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه وهو تأكيد لفظي لتيم الأول ، وقد مرّ في توابع المنادى المبني أن التأكيد اللفظي في الأغلب حكمه حكم الأول ، وحركته حركته ، إعرابية كانت أو بنائية ، كما أن الأول محذوف التنوين للإضافة فكذلك الثاني مع أنه ليس بمضاف ؛ وشبّهه سيبويه باللام المقحمة بين المضاف والمضاف إليه في : «لا أبالك» ، لتأكيد اللام المقدرة.
وإنما جيء بتأكيد المضاف لفظا بينه وبين المضاف إليه ، لا بعد المضاف إليه ، لئلا يستنكر بقاء الثاني بلا مضاف إليه ولا تنوين معوض عنه ولا بناء على الضم ؛ وجاز الفصل به بينهما في السعة على أنه لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الضرورة ، وذلك بالظرف خاصة في الأغلب كما يجيء في باب الإضافة ؛ لأنك لما كرّرت الأول بلفظه وحركته بلا تغيير ، صار كأن الثاني هو الأول ، وكأنه لا فصل هناك ، ألا ترى أنك تقول : إنّ إنّ زيدا قائم ، مع قولهم لا يفصل بين «إن» واسمها ، إلا بالظرف ، وتقول : لا لا رجل في الدار مع أن النكرة المفصول بينها وبين «لاء» (١) التبرئة واجبة الرفع كقوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ)(٢) ؛ وقال :
١٣٠ ـ فلا والله لا يلفى لما بي |
|
ولا للما بهم أبدا دواء (٣) |
__________________
(١) هكذا استعملها الرضى. وكرر ذلك. ووجه ذلك أن كلمة «لا» حين تصير اسما وثانيها معتل. يضعف ثانيها وتضعيف الألف يجعلها هكذا لأنه بعد اجتماع الألفين تبدل الثانية منها همزة. وانظر حديث الرضى عن التسمية بالأدوات والحروف في باب العلم.
(٢) الاية ٤٧ من سورة الصافات ، وتقدمت.
(٣) من قصيدة لمسلم بن معبد الوالبي. نسبة إلى والبة بن الحارث ينتهي نسبه إلى خزيمة بن مدركة. وكان غائبا فكتب ابله لعامل الصدقات ، وظن مسلم أن رفيعا الوالبي ، خال مسلم وابن عمه ، ظن أنه أغرى عمال الصدقة فقال هذه القصيدة يشكو ما حدث من رفيع وقومه ووصف ابله وكأنها تشكو مما حدث ويقول في هذا ... يقصد الابل
إذا ذكر العريف لها اقشعرت |
|
ومسّ جلودها منه انزواء |